TIGed

Switch headers Switch to TIGweb.org

Are you an TIG Member?
Click here to switch to TIGweb.org

HomeHomeExpress YourselfPanoramaالمهاجر..
Panorama
a TakingITGlobal online publication
Search



(Advanced Search)

Panorama Home
Issue Archive
Current Issue
Next Issue
Featured Writer
TIG Magazine
Writings
Opinion
Interview
Short Story
Poetry
Experiences
My Content
Edit
Submit
Guidelines
المهاجر..
Printable Version PRINTABLE VERSION
by anas, Mar 11, 2010
Culture   Short Stories
 1 2 3 4   Next page »

  

أُسرع … أُسرع … وأزيد من سرعتي لأبلغ البيت الذي بدا بعيداً اليوم… أُسرع … وأُسرع … وأُسرع، ولكن البيت لا يزال بعيداً، كلا لست مطارداً من قبل أحد، وإن بدا كذلك، أسرع … وأجري مسرعًا كما لم أفعل (منذ أيام الطفولة التي باتت صورًا بالأبيض والأسود يعلوها الغبار، طفولة بسيطة متواضعة ولكنها تبقى طفولة.. طفولة بعيدة الذكرى، أليمة الذكرى، طفولة من الأفضل نسيانها؛ لأنها لم تكن طفولة بل كانت مرحلة بلوغ مبكرة، وكيف لا تكون كذلك؟ عندما يجد الطفل نفسه أكبر إخوته ومضطراً للعمل مع أبيه في أحد تلك الأعمال اليدوية المحدودة الدخل، ليرى غيره من الأطفال ينعمون باللعب وأنا أعمل كي آكل جيداً وأنام دون توبيخ من أبي(

أسندت يدي على ركبتيّ تعبًا من كثرة الركض، وأمسح جبيني لاهثًا، ولا ألبث أن تنتظم أنفاسي حتى أواصل الركض مجددًا، وكأن البيت يبتعد شيئًا فشيئًا فأبذل جهدًا مضاعفًا للوصول، وأخيراً أقتحم باحة منزلنا الصغير كي أصرخ بحالة هستيرية: أمي… أمي (أمي الأرملة التي منذ أنا توفي والدي، ولا أرى سوى همها إن لم يكن دموعها، أمي التي ترى أملها في الله، ثم في بأن أعمل لأكسب وأربي إخوتي الصغار الذين ينظرون بتلهف إلى يدي كلما دخلت المنزل، ولكن ترجع أنظارهم خائبة بعد أن تلمح الكتب التي أعود بها من المدرسة التي لا أحمل سواها، "أريدك دائماً أن تكون مثل أبيك " دائماً أمي ترددها لتذكرني بوالدي الراحل الذي ورثنا منه الديون، أكون مثله في ماذا؟ ، في فقره أم في صبره القاتل على الحياة الواجمة، ربما كانت تقصد في رجولته وشهامته وعزة نفسه بأن لا يمد يده سائلاً أحداً غير المولى عز وجل، أم في وطنيته التي كانت تقطر منه قطراً ولولا قلة علمه لأصبح مناضلاً سياسيا؛ ربما أو لم يصبح لأنهم دائماً يقولون هذا ثم يغرهم المنصب ولا يفعلون شيئاً ؛ فبدا نضال أبي ولو كان الحال غير الحال لما ظهرت هذه الصفات التي يتحلى بها البسطاء من الناس يعتبرونها غالية ولو قل المال؛ ولا يدرون أنها رخيصة إذا ما وجدوا المال(

وما زلت أصرخ : أمي …أمي …أين أنت؟ وتجوب أنظاري الباحة الصغيرة وإخوتي يطلون من النوافذ ؛ لتظهر أمي وتقول: ما بالك تصرخ يا خليل؟ ماذا حدث؟ أهرع إليها لأمسكها من كتفيها وأدور بها محلقاً والكلمات تتدافع إلى حلقي فلا أنطق؛ أبلع ريقي لأحاول مجدداً الكلام وأخيراً أتمتم بها: لقد ……لقد، ويلفت نظري تورم على خدها الأيمن، لم أره في الصباح فسألتها: ماذا حدث لك؟ وتلعثمت في الإجابة بل إنها لم تجب مطلقاً، ولم يكن لها حاجة لذلك فقد عرفت السبب، وأحسست بيدي تنزلق من كتفيها ودارت بي الأرض (منذ أن بدأت أمي عملها في خدمة البيوت، وهذا حالها تأتي كل يوم بوجه كساه البؤس والألم، بوجه لو رآه أبي لأنتفض في قبره(

"قل لي ماذا حدث" توقظني عبارتها من كوابيس يقظتي، تحاول أن تنسيني تلك الصفعة على خدها، استسلم لها وتناسى الموقف فقد اعتدت عليه مرارا، طوال سنين دراستي من بعد وفاة أبي، أردد كآلة نفذ وقودها: لقد نجحت………لقد نجحت في الثانوية …………بمعدل90%. قلتها وكأنني أخبر والدتي بخبر رسوبي، بل ربما خبر وفاة أحدهم. وهي تعود لعادتها القديمة، تذرف دموعها الغزيرة التي لو جمعت في مكان واحد لشكلت نهراً، دائماً تدمع، في الحزن والفرح تدمع، في الألم والأمل تدمع، تدمع، وتدمع، وتدمع ………وأنا لا أجرؤ على أن أحرمها من وسيلتها الوحيدة في التعبير عن شعورها، وسيلة واحدة لكل المواقف ……كم كرهت هذه الوسيلة التي تعلمتها أمي مذ أن توفي والدي!، تحسسني بعجزي وعدم قدرتي على خدمتها، أو ملء جزء من فراغ والدي، أعطيها الفرصة لتكفكف دموعها وتقبلني على جبيني ثم أغادر لتلافي دموع أخرى تجرحني مجدداً.





 1 2 3 4   Next page »   


Tags

You must be logged in to add tags.

Writer Profile
anas


This user has not written anything in his panorama profile yet.
Comments
You must be a TakingITGlobal member to post a comment. Sign up for free or login.