|
قدْ وقـفـتُ في طبـيعةٍ عـلى
ربــوةٍ عــالــــيـةٍ أحـــدّقُ
في بديـــعِ خِلــقةٍ تـنـاسقتْ
بالتـــحــامٍ لـم أكـــــــد أفرّقُ
بـيـن أجـــــزاءٍ جــمـالـُها بــدا
رائــــــعًا فــكــيــف لا نـُصدّقُ
مُذعِــنــيـنَ لِلـّـذي أنـْـشــأها
في الوجـــــودِ مــــادةً تحقق
غرضَ النفسِ الّتي قد جحدتْ
كلَّ نــعــــــمةٍ نــراها تُشرق
كلُّ مَنْ في الكـونِ قـد تـرنَّمَ
بتســابـيــحـه ذكـــرا يـنطق
فالطـيورُ غـرّدَتْ مُنـشدةً من
أعـــذبَ اللّـحـنِ شجيا شيّقُ
غرّدَ الشحرورُ فوق الدير شوقا
أطـربَ الأسـماع حيـنًا يـُغدق
ويــنابـيعُ السهــول حـولهنَّ
قطـــــراتٌ من نـسـيمٍ يـبرُقُ
فلمحتُ نـسـمة الأرواح فـيها
مــن خـــــــــــلال أوجٍ تنفلق
جَلـبـتْ محاسنُ الجـمال كل
المُــقـل الـتي هـــوت تحدِّقُ
روعـة قـد تـركتنا فـي انبهار
جـاثــمــيــن و البـهاء يسرق
أسَرَ الحُسن الفـؤاد بعـدما أن
شـاهـــدوا طـبـيــعة تنْتسِق
أولــيـس ذلـك الحـسـنُ يــدل
بـصـــراحــةٍ عـلى مَنْ يخلُق
هُـنَّ قـد مـجّـــدْنَ ربَّ العـِــزَّةِ
كـلَّ حــيـنٍ ذاكــريـن يـرتـقوا
بين أغصـان قـد الـتــفّـَتْ مـعا
بـاشـتـــبـاكٍ شــجــرٌ يُـنفق
سحــرتْ مـنـاظـر الطبــيـعة
أعـيـنَ الخــلق بـهاءٌ يمشُق
قد تأنّـقَ الرّبـيـع يرتدي من
كـلّ حُـُــسـنٍ رائــــعٍ يـأتـلق
حُللٌ من الجمال قد بـدت لي
مَـنْ يُـُقـــدِّرُ الكمـال يـَعشق
قد شذا عطر الزهور عبقٌاٌ في
الجــوِّ مـســـــكه دنــا ينبثق
لقد احـتـوتْ طبـيـعةُ الشّـعاب
مـن بُـــذور مـا تـــــزال تورق
منها كل الكائنـات قـد تـنــامت
من هـوائها غدت تستنشق
ينهلُ الفتى من الحسن إذا ما
قـد رأى بــــريـــقَـه يـنطـلق
و لقد ألهــمـني الـبـحـر الـذي
قد بدتْ روعــــتـه لـي تُبرق
لقـدِ امــتــدتْ تـمــوُّجـاتُه من
سـاحـــلٍ لـســـــاحـلٍ تستبق
كـم حوت أعماقه من درر قد
مـكـثـت فـي قـعـره تنعتق
فـتـرى اللــؤلــؤ فـي صدفةٍ قد
وُلــِـدَتْ فـي جـوفـها تعتنق
فـكأنـّما نــمـت فــي رحــمٍ قد
أخــــرجــت أجــنــة تفـترق
قد جرى زورقُه يمخر لُجّةَ البحار
كُـلُ مـخــــلـــوقٍ رآه يـلزَق
لـم يــهـبْ سطـوة أمــــواجٍ عتا
هـيــجـانُ ريـــحـها يَـخـترق
سُـــفُــنًـا عــظـيــمة كــأنّها إن
لم تُشـاهدها قُرى تستبق
بــعــزيــــمـة الــفــــؤاد قــاوم
شــــدة عـنــيـفة قـد تُغرِق
قد تــحــــدى صــبـــرُه عواصفا
أهـلكـتْ مُـغـامـرين أشنقوا
كم مِنَ السُفُنٍ خرّتْ بين مـوجٍ
مــثلَ أوراقٍ هــــوتْ تـنـزلِقُ
فــتــرى زورقـه يــشـقُّ بـحــرا
يــتـحدىّ كلَّ ظـــرفٍ يسحق
يطلق الأنشودةَ التي حوت من
خلجاتِ النــفــسِ شِـعرًا يفـلق
قد رمى الشّباك راجيا حظـوظا
وسـط الــيـَمّ هـــوت تـتفتق
قد يـصـيـد سـمكا ذا وفــرة إن
حـالف الحــظ فـقـيـرا يُعـتق
أو يــعــود فــارغا وحـــزنـه في
القلب بالسِّهام ظلَّ يرشق
سحب الماء بـمـجدافـيه جـدفا
يـــتــــقــدّمُ إلــيــها يـَـرمُق
قد نأى العجوز فوق الـيـم قهرا
سمكُ القرشِ عليه يُشفق
فــرمـــاه بالــرمـــاح فـأُصـــيـِب
القرش حينها فـصار يشهق
سـمـكٌ طــفـا بــــرمــتــه فـي
لــجــة البـحـر فـمـنـه يُرزق
ذلك العـجـــوز يـــدفــع الضـنى
|
Tags
You must be logged in to add tags.
Writer Profile
meddahi
الشاعر العصامي مداحي العيد
|
Comments
You must be a TakingITGlobal member to post a comment. Sign up for free or login.
|
|