|
الملك هنا يبدو على حقيقته ديكتاتورا منقطع الصلة بالشعب، لا انتماء له لهذا العصر ولا صلة له بعالم الحداثة الذي لا يني يصر على استمداد شرعيته منه.
والأغرب من ذلك أن يجد طائفة واسعة من المنتسبين لعالم الفكر و"الحداثة" تصدقه، بما يجعلنا لسنا إزاء نظام سياسي أو أيديولوجي محدد واضح ديمقراطي أو علماني أو إسلامي بل إزاء دولة القهر والنفاق وغياب المصداق.
كيف تمكنت؟ مسؤولية من؟.. الاستبداد لا ينشأ إلا جزءا من معادلة وثمرة لها، فما عناصر المعادلة التي أثمرت هذه الدولة المستبدة التي راهنت على ابتلاع المجتمع وقهره واحتقرته، وسخرت كل قواها من أجل تفكيك مؤسساته وقيمه وسائر دفاعاته من أجل فرض الاستسلام عليه لمبضع الجراح "الحداثي" وترسيخ الاستبداد وإعادة إنتاجه؟
من المرتكزات الرئيسية للاستبداد الإرث الاستعماري الذي ربى على عينه ويده طائفة ثقافية اصطفاها لنفسه وفصلها فكريا وشعوريا وخلقيا ومصلحيا عن قومها من "السكان الأصليين"، حتى إذا ثار هؤلاء مطالبين باستقلالهم كانت تلك الطائفة الأقدر على الاتصال بالمستعمر والتفاوض معه.
وفي ظل الوعي الثقافي المحدود لدى جمهرة الثائرين لم يكن عسيرا التلبيس عليهم ومسايرتهم في ما يعتقدون، حتى إذا تمكنت بدعم من جيش الاحتلال وإدارته القديمة تم إغلاق قوس الثورة على المستعمر والتعبئة ضده ليستأنف التواصل مع إرثه ومخططاته. وهو ما جعل الحكم هنا امتدادا طبيعيا لنوعين من الإرث، الإرث الاستعماري في احتقاره للسكان الأصليين ومراهنته على تفكيك هويتهم وإعادة تشكيلها وفق المنظور الاستعماري.
- أما الإرث الثاني فهو الإرث السلطاني القائم على مبدأ الحكم شبه المطلق الذي استهدفت الحركة الإصلاحية منذ القرن التاسع عشر وضع حد له من أجل تأسيس حكم حديث على أرضية إسلامية، وهو المشروع الذي كان يمكن أن ينقذ هذه البلاد من مصيبة الاحتلال لولا تدخل القوى الخارجية الطامعة في دفع الأمور إلى الانهيار حتى تجد مسوغا لوقوع البلاد في قبضتها فشجعت ولا تزال الفئات المفسدة.
إننا إزاء إرث الدولة السلطانية في أتعس أيامها وقد تزاوجت مع إرث دولة الاحتلال وما وضعته الحداثة التقنية والإدارية تحت تصرفها من أدوات وفرص وإمكانات للرصد والتأطير والقمع والقهر والاستخفاف بالوعي العام وفرض استلحاق بلادنا بسياق حضاري وإستراتيجي وقيمي غير سياقها الطبيعي.
- العامل الخارجي: منذ زهاء قرنين مالت بشكل سافر موازين القوة الدولية لصالح القوى الغربية فتوالت الحملات على أمتنا عسكرية واقتصادية وثقافية لا تكاد تتراجع تحت ضغط المقاومة حتى تليها أخرى.
ورغم أن الأمة لم تستسلم بل والت المقاومة ونجحت في أكثر من جبهة في رد عساكرهم وفي الانتصار للشخصية الإسلامية العربية فذلك لم يغير كثيرا من الوضع العام في ساحة الصراع بين قوى مهاجمة توالي هجوماتها وقوى في الدفاع تقاوم لا تقبل باليأس والاستسلام، وهي الحالة التي لا يزال عليها المشهد العام للعلاقة بين الأمة وأعدائها بما مثل أكبر عائق في طريق حركة التحول الديمقراطي في بلاد العرب والمسلمين.
إن تجاهل هذه الإعاقة الكبرى لحركات التغيير وهذه الركيزة المهمة المستمرة في تقديم الدعم لأشد الأنظمة قمعا وفسادا وتأخر منطقتنا عن المسار الكوني العام للتحولات الديمقراطية يجعلنا غير قادرين على تفسير بطء حركة التاريخ في هذه المنطقة، بما يحمل البعض على اليأس أو على الإسراف في جلد الذات، مع أن الاتجاه العام يتطور لصالح الأمة وإن بأكلاف باهظة.
|
Tags
You must be logged in to add tags.
Writer Profile
Adel
I am a fun and simple person, Initiating in charity work,
Rapid to receive learning and I've ability to connect quickly, Enthusiastic for joint action between the cultural development projects, I like all opportunities for people to meet with some and working for new idea of development...
|
Comments
You must be a TakingITGlobal member to post a comment. Sign up for free or login.
|
|