|
إلا إننى أرى انه وعلى الرغم من تباين الهوية من فرد على أخر فى مجتمع معين إلا إنه يبقى فى النهاية ما يظل مكوناً رئيسياً للهوية يكون مشتركا بين أفراد المجتمع ويكون الخطوط الرئيسية للهوية الاجتماعية – وهنا تتبلور فكرة أن الهوية واقع أكثر منها انتماء .
إن تحديد هوية المجتمع يفيد كثيرا جداً فى الحد من التنافر بين أفراد المجتمع تجاه بعض القضايا الخلافية فى هذا المجتمع، إذ أن التطبيقات العملية للقضايا الأساسية للمجتمع تعد هى المحك الرئيسى لهوية ذلك المجتمع إذ تحدد كيفية تعاطى المجتمع لهذه القضايا وكيفية تناولها وإيجاد الحلول لها.
وعلى ذلك فإن الكشف على الهوية الاجتماعية لمجتمع معين هو أمر ضرورى ومبدئى للحديث عن تقدم هذا المجتمع وتطويره إذ إنها تكون بمثابة( البوصلة) التى تحدد لهذا المجتمع الطريق الذى يسير فيه وتعطيه القدرة على مواجهة التحديات التى تفرضها عليه الظروف .
وإذا كان المجتمع المصرى ممزقاً بين عدة تبارات فكرية متنافرة تسعى لإقرار هوية معينة – إما علمانية أو دينية أو قومية- للمجتمع المصرى يقودها بعض المفكرين أو الكتاب فإن هذه المساجلات تظل بمنأى عن الاستقراء الحقيقى لهوية الشعب المصرى وتظل مجرد دعوة أو محاولة لنشر فكر معين أو مذهب ما.
أما الهوية الحقيقية للشعب المصرى فتظل عملية استقراء موضوعى بحت لهذا الشعب، أفكاراً وعقائداً وتطبيقاً: استقراء ينزل إلى أرض الواقع ليعود إلى المرجعية الأولى لهذا الشعب – المتدين بطبعه - والتى تنبع منها أهم قيمه وأفكاره.
وبناء على ذلك فالهوية أولوية اجتماعية وضمانه لمشروع نهضوى يلائم مجتمعنا ويرتقى به .
الإشكالية الثانية: الثقافة والقيم
إن مجتمعنا الآن يرزح تحت وطأة مجموعة من الأفكار والعادات التى نشأت وتبلورت فى عهد انتشر فيه التخلف والفساد وأصبحت هذه الأفكار والقيم مستشرية للغاية للحد الذى أصبحت معه من أهم عوائق التقدم فى بلادنا.
والحقيقة إننا حين نناقش أى مشكلة من مشكلات العصر من فساد أو سلبية أو انهيار اجتماعى أو أخلاقى نجد مرده الأول هو تدهور الثقافة الأصيلة والقيم الرفيعة وغيابهما تحت كثير من القيم المادية الغربية والثقافات الضارة.
وعلى سبيل المثال نلاحظ فى المجتمع انتشار ثقافة العنف بطريقة جعلت من العنف هو الوسيلة الأولى للتعامل فى المجتمع. نلاحظ أيضاً ثقافة تضييع الوقت أو كما يقال " قتل الوقت " أو ثقافة " التزويغ " من العمل ونجد أيضاً ثقافة امتهان كرامة المواطنين وثقافة الروتين وثقافة السلبية وثقافة الدروس الخصوصية وثقافة الرشوة وقد أصبحت ثقافة متأصلة- أو كما تسمى تأدبا إكرامية أو حق الشاى – كل هذه الثقافات الضارة والدخيلة على المجتمع تسهم بشكل أساسى فى إهدار كل الجهود التى تبذل من أجل تحقيق التقدم. إن هذه الثقافات الضارة نمت وترسخت فى المجتمع فى فترة ركود مر بها المجتمع المصرى فى عصر بائد تم تغييب الشعب فيه والقضاء على كل ما يمكن هذا الشعب من المطالبة بحقوقه وحرياته .
إن أخطر ما فى هذا الموضوع أننا اليوم قد نحتفل بموظف شريف رفض رشوة وأبلغ عنها، ونقيم الدنيا ونقعدها لأن عندنا موظف شريف، فى حين أن الجهاز الإدارى للدولة – معظمه- لا يسير بغير رشوة أو إكرامية.
لقد أصبح الحال مقلوباً وأصبحت هذه القيم هى الأصل وما يخالفها استثناء واضح. وأصبح كل من ينادى بالقيم الأصيلة يواجه بالسخرية- لأنه لن يصلح الكون – أو على الأقل بواقع اجتماعى منقلب على نفسه يعرف الحق ويسير وراء الباطل.
|
Tags
You must be logged in to add tags.
Writer Profile
abdelrahman
This user has not written anything in his panorama profile yet.
|
Comments
You must be a TakingITGlobal member to post a comment. Sign up for free or login.
|
|