قبل 50 سنة مضت انحصرت المراحل التعليمية في معظم الدول العربية في:
1ـ المرحلة الابتدائية (أربع سنوات) يحصل الطالب في السنة الرابعة منها على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية.
2ـ المرحلة الثانوية (خمس سنوات) يحصل الطالب في السنة الرابعة منها على (شهادة الثقافة). ويبدأ التخصص من السنة الخامسة: إما أدبي، وإما علمي، ويحصل الطالب بعدها على شهادة إتمام الدراسة الثانوية، وكانت تسمى آنذاك "التوجيهية". وبعد ذلك تبدأ المرحلة الجامعية.
وبالنسبة للمرحلة الابتدائية نلاحظ ما يأتي:
أـ كان هناك مرحلة سابقة لمدة ثلاث سنوات، تسمى مرحلة التعليم الإلزامي.
ب ـ الالتحاق بالمرحلة الابتدائية يخضع لاختبار بحيث لا يقبل في المدرسة إلا الناجحون.
جـ ـ كانت اللغة الإنجليزية تدرس ابتداءً من الصف الأول.
وبجانب هذا كان هناك الكتاب الذي كان يقوم بمهمة أساسية هي : تحفيظ القرآن الكريم .
وللحق دون مبالغة كان التعليم في كل المراحل نموذجيًّا بالنظر إلى المدرس، والمناهج، ومبنى المدرسة، ومستلزماته، أي أن المدرسة كانت مدرسة.
ونستطيع أن نلخص أهم ملامح هذه المرحلة في النقاط المركزة الآتية:
1ـ كانت المدرسة تشغل مبني أُسس, وبُني ليكون مدرسة, وكان الملعب الواسع, من أهم مرافق المدرسة, وفيه تعقد المباريات, والحفلات, ويصطف فيه التلاميذ.
2ـ كان التلميذ يدفع في بداية كل عام "مصروفات مدرسية" ضئيلة, ويعفي منها الفقراء من الطلاب, وكان ما يدفعه الطالب أقل بكثير جدًا مما يدفعه الطالب حاليًا مقابل «حصة واحدة» في درس خصوصي.
3ـ كان المدرس معلمًا, أستاذًا, مربيا وعالمًا بكل معنى الكلمة, فالمرحلة الابتدائية يتولى التدريس فيها الحاصلون علي مؤهلات عالية من خريجي المعاهد والجامعات الكبرى.
4ـ لم تكن نعرف - في كل المراحل - ما يسمي بالدروس الخصوصية, ولا حتى مجموعات التقوية المدرسية, فالعملية التعليمية كانت تسير في طريقها السوي الطبيعي السديد.
5ـ كان الشعور الجاد الصادق بالمسئولية يسيطر علي المدرسين, فيؤدون أعمالهم بإخلاص وحماسة, وامتد هذا الشعور إلي الطلاب, فلم يكن هناك واقعات غش إلا نادرًا.
6ـ كانت نتائج الامتحانات تمثيلاً صادقًا لقدرات الطلاب وتحصيلهم, لأن الأساتذة كانوا يلتزمون الدقة في «تصحيح أوراق الإجابة», زيادة علي إخلاصهم في العطاء والعمل.
7ـ كانت أيام الامتحانات - بصفة عامة – (وامتحانات الشهادات (الابتدائية - الثقافة – (التوجيهية) بصفة خاصة - تمضي كبقية الأيام, دون رهبة أو "طوارئ" أو حرق أعصاب.
***
أما اليوم فلا نرى إلا النقيض تعليميًّا، وتربويًّا. ومظاهر ذلك أكثر من أن تعد، ولكن كل الحقائق تشير إلى أننا كل يوم في انحدار مطرد، حتى فقدت المدرسة العربية مكانتها في مجال التعليم العام، والتعليم الجامعي، وسبقتها كثيرٌ من دول العالم الثالث، مما يترك في نفوسنا أسى، وحزنًا؛ لأننا نرى هذه الرسالة تسقط سقوطًا ذريعًا، ولا نجد من يهتم بالأمر، أو يعمل جادًا على إيقاف هذا الانحدار .
***
وأخطر ما نراه الآن في ساحة التعليم أن نجد القائمين عليه يفسدون طبيعته التربوية، والتعليمية، والسلوكية، والفكرية، بدفعه إلى أداء رسالة في النفاق الخسيس، مما يهدد أخلاقياتنا، ورصيدنا العقدي بالخطر الماحق، ومن مظاهر ذلك ما يحدث في أمور الامتحانات.
ففي امتحان الصف الأول الثانوي في مادة التربية الفنية في احدى الدول العربية ـ في امتحان نهاية الفصل الدراسي الثاني 2004 ـ 2005م، جاء سؤال التعبير الفني بالنص الآتي:
|