by Adel Gana | |
Published on: Apr 18, 2008 | |
Topic: | |
Type: Opinions | |
https://www.tigweb.org/express/panorama/article.html?ContentID=19925 | |
قبل 50 سنة مضت انحصرت المراحل التعليمية في معظم الدول العربية في: 1ـ المرحلة الابتدائية (أربع سنوات) يحصل الطالب في السنة الرابعة منها على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية. 2ـ المرحلة الثانوية (خمس سنوات) يحصل الطالب في السنة الرابعة منها على (شهادة الثقافة). ويبدأ التخصص من السنة الخامسة: إما أدبي، وإما علمي، ويحصل الطالب بعدها على شهادة إتمام الدراسة الثانوية، وكانت تسمى آنذاك "التوجيهية". وبعد ذلك تبدأ المرحلة الجامعية. وبالنسبة للمرحلة الابتدائية نلاحظ ما يأتي: أـ كان هناك مرحلة سابقة لمدة ثلاث سنوات، تسمى مرحلة التعليم الإلزامي. ب ـ الالتحاق بالمرحلة الابتدائية يخضع لاختبار بحيث لا يقبل في المدرسة إلا الناجحون. جـ ـ كانت اللغة الإنجليزية تدرس ابتداءً من الصف الأول. وبجانب هذا كان هناك الكتاب الذي كان يقوم بمهمة أساسية هي : تحفيظ القرآن الكريم . وللحق دون مبالغة كان التعليم في كل المراحل نموذجيًّا بالنظر إلى المدرس، والمناهج، ومبنى المدرسة، ومستلزماته، أي أن المدرسة كانت مدرسة. ونستطيع أن نلخص أهم ملامح هذه المرحلة في النقاط المركزة الآتية: 1ـ كانت المدرسة تشغل مبني أُسس, وبُني ليكون مدرسة, وكان الملعب الواسع, من أهم مرافق المدرسة, وفيه تعقد المباريات, والحفلات, ويصطف فيه التلاميذ. 2ـ كان التلميذ يدفع في بداية كل عام "مصروفات مدرسية" ضئيلة, ويعفي منها الفقراء من الطلاب, وكان ما يدفعه الطالب أقل بكثير جدًا مما يدفعه الطالب حاليًا مقابل «حصة واحدة» في درس خصوصي. 3ـ كان المدرس معلمًا, أستاذًا, مربيا وعالمًا بكل معنى الكلمة, فالمرحلة الابتدائية يتولى التدريس فيها الحاصلون علي مؤهلات عالية من خريجي المعاهد والجامعات الكبرى. 4ـ لم تكن نعرف - في كل المراحل - ما يسمي بالدروس الخصوصية, ولا حتى مجموعات التقوية المدرسية, فالعملية التعليمية كانت تسير في طريقها السوي الطبيعي السديد. 5ـ كان الشعور الجاد الصادق بالمسئولية يسيطر علي المدرسين, فيؤدون أعمالهم بإخلاص وحماسة, وامتد هذا الشعور إلي الطلاب, فلم يكن هناك واقعات غش إلا نادرًا. 6ـ كانت نتائج الامتحانات تمثيلاً صادقًا لقدرات الطلاب وتحصيلهم, لأن الأساتذة كانوا يلتزمون الدقة في «تصحيح أوراق الإجابة», زيادة علي إخلاصهم في العطاء والعمل. 7ـ كانت أيام الامتحانات - بصفة عامة – (وامتحانات الشهادات (الابتدائية - الثقافة – (التوجيهية) بصفة خاصة - تمضي كبقية الأيام, دون رهبة أو "طوارئ" أو حرق أعصاب. *** أما اليوم فلا نرى إلا النقيض تعليميًّا، وتربويًّا. ومظاهر ذلك أكثر من أن تعد، ولكن كل الحقائق تشير إلى أننا كل يوم في انحدار مطرد، حتى فقدت المدرسة العربية مكانتها في مجال التعليم العام، والتعليم الجامعي، وسبقتها كثيرٌ من دول العالم الثالث، مما يترك في نفوسنا أسى، وحزنًا؛ لأننا نرى هذه الرسالة تسقط سقوطًا ذريعًا، ولا نجد من يهتم بالأمر، أو يعمل جادًا على إيقاف هذا الانحدار . *** وأخطر ما نراه الآن في ساحة التعليم أن نجد القائمين عليه يفسدون طبيعته التربوية، والتعليمية، والسلوكية، والفكرية، بدفعه إلى أداء رسالة في النفاق الخسيس، مما يهدد أخلاقياتنا، ورصيدنا العقدي بالخطر الماحق، ومن مظاهر ذلك ما يحدث في أمور الامتحانات. ففي امتحان الصف الأول الثانوي في مادة التربية الفنية في احدى الدول العربية ـ في امتحان نهاية الفصل الدراسي الثاني 2004 ـ 2005م، جاء سؤال التعبير الفني بالنص الآتي: أولاً التعبير الفني: تشهد الأيام القليلة القادمة منعطفا خطيرًا في بلادنا للرؤية المستقبلية قصد تحديد الأهداف والأولويات لتحسين حياة الفرد، والرئيس (فلان الفلاني) قائد له تاريخ مستمر واستطاع أن ينقل وطننا نقلات حضارية في الاقتصاد، والسياسة، والتعليم، والثقافة، والزراعة، والاستقرار، والأمان، وحرص على عدم المساس بأصحاب الدخل المحدود، وسعى لتحسين أحوال المعيشة ووضع خططًا خماسية متتالية لازدهار التنمية، وحرص على إقامة مدن جديدة، ومشروعات ضخمة لرفع معيشة أبناء الوطن فلا يحتاج الرئيس لدعاية انتخابية والكل سيقول يوم الانتخابات كلمة (نعم) للرئيس (فلان). عبر بقلمك وألوانك عن إحدى المشاهد التالية: 1ـ مشهد من مشاهد التأييد للرئيس في الشوارع، أو داخل اللجنة الانتخابية. 2ـ مشهد من مشاهد الإصلاح، والخدمات في بلادنا على يد الرئيس (فلان). ثانيًا التصميم الابتكاري: داخل مستطيل مساحة 30 سم × 15 سم. ـ صمم شعار تأييد للرئيس في الانتخابات القادمة مستخدمًا الرموز المناسبة. ـ على أن تكتب عبارة "نعم لـ(فلان)" داخل التصميم. (استخدم الألوان التي تناسب الشعار). *** وأصبح الغش هو الأساس: وهذه حقيقة دامغة تعرضها موثقة بالصور مواقع الانترنت بمدينة لعمليات غش واسعة المدى... أليس هذا ظلماً للطالب المجتهد وإعطاء شيء لمن لا يستحقه .. هذا هو حال التعليم الآن... وإذا وُجد مدرس يمنع عملية الغش ربما - بل أكيد – سيهاجم من قبل إما المراقبين الآخرين أو ربما رئيس اللجان ويكون هو الرجل السيئ لأنه لا يريد مساعدة المحتاج لهذه الإجابات النموذجية المعدة والمبذول فيها جهد جبار لإنقاذ هؤلاء الطلبة الذين لم يبذلوا أي جهد لكي يستطيعوا أن يقوموا بالإجابة عن أسئلة الامتحان بأنفسهم وعدم التواكل على الغش . *** والنتيجة انحدار ... وسقوط ... وضياع ... وضعف مخزٍ في اللغة، ولعلنا قد قرأنا أن أحد طلاب السنة الثالثة بكلية جامعية عربية، كتب طلبًا للمسئولين بالجامعة من عباراته : "... وأنا أرجوكم أن تمنحوني "قردًا" بملبغ "مااة وخمسون" جنيه، "أسدوها" على "أقصاط"، مراحة" وهو يقصد "... تمنحوني قرضًا بمبلغ مائة وخمسين جينهًا، أسددها على أقساط مريحة". وا أسفاه !! لقد أصبح التعليم العربي الآن يعانق النفاق، والغش والتزوير، وهو في طريقه إلى الهاوية. وأقول في النهاية: أيها السادة الذين ينادون بـ "جودة" التعليم، ويعقدون اللجان تلو اللجان... طبعًا مدفوعة الأجر، أقول لهم: لا تبحثوا عما سميتموه جودة التعليم، بل اسألوا أنفسكم أولاً: هل عندنا تعليم أم لا؟. « return. |