|
إن الوضع الذي تمر به بلادنا العربية شديد الشبه بالتنين ذلك الكائن الأسطوري ذي الرؤوس الكثيرة المخيفة، و ليس وجه الشبه في البشاعة و الرعب فقط، لكن التشابه الأساسي في طابع التعدد و الكثرة، تعدد الأسباب المباشرة و المنابع العميقة و كثرة الوجوه المخيفة و المظاهر المفزعة التي تتبدى من خلالها الوضعية المتأزمة و الحالة المتردية. من بين الأسباب الكثيرة التي ساهمت في تفجير الأزمات داخل العديد من بلداننا العربية و ما زالت تغذيها و تساعد على ديمومتها و استمرارها هنالك سبب محوري متعلق بفشل الأنظمة في تحقيق الأهداف و المطالب الكبرى للجماهير الشعبية و خصوصا منها فئة الشباب و تتمثل هذه المطالب أساسا في:
o التنمية و التحديث.
o العدالة الاجتماعية.
o الحرية و المشاركة السياسية الحقيقية.
o استكمال و دعم الاستقلال و إنهاء كل مظاهر التبعية.
* على الرغم من كل المظاهر الخارجية البراقة للحياة السياسية إلا أن أزمة الشرعية ما زالت مستمرة و قائمة، نتيجة لاستمرار مصادرة إرادة الشعوب عن طريق الانتخابات المزورة كما حدث في مصر، الجزائر، الأردن، سورية و العراق و غيرها. و ما زالت الأنظمة مستمرة في البحث عن شرعية جديدة يعتقد أنه سيجدها بالسعي المتواصل للحصول على رضى و قبول المجتمع الدولي ممثلا في بعض الدول الغربية الكبرى، المؤسسات المالية الدولية، الرأي العام الدولي ممثلا في الجمعيات غير الحكومية بما فيها المدافعة عن حقوق الإنسان و كذا المنظمات الدولية الحكومية في الوقت الذي أزيح فيه الرأي العام للشارع العربي من قائمة اهتمامات الأنظمة.
* تزايد ضعف السلطات و تراجع سيطرتها على الوضع الداخلي خاصة الجانب الأمني (ظاهرة الإرهاب) رغم التكاثر العددي الهائل للمؤسسات السياسية و الإدارية و الأمنية حتى ليبدو أن الأمور أصبحت تتم بشكل عكسي، فبقدر تزايد المؤسسات و تكاثرها يزداد ضعفها و فراغها و عجزها عن تأدية وظائفها نتيجة فقدانها للمصداقية و الاحترام، و تتأكد في الوقت ذاته قدرة الأجهزة البيروقراطية على تسيير الأوضاع الراهنة بفعل تدني فعاليتها في التسيير و التنظيم في كثير من الأقطار.
* يتواصل اتساع الهوة الفاصلة بين السلطة و الشعب بفعل مجموعة كبيرة من المؤشرات و الظواهر الاجتماعية و الاقتصادية أبرزها:
1- الشعور الشعبي العام بتخلي الأنظمة السياسية عن أداء وظيفتها الأصلية الممثلة في تحقيق الصالح العام، و تحولها إلى أداة لخدمة مصالح جماعات محدودة يعزز هذا الشعور و يقويه الممارسات و التصرفات الشائنة و الاستفزازية الصادرة عن بعض كبار المسؤولين و ذويهم و المقربين منهم.
2- سقوط المستوى المعيشي لمئات الملايين من الأسر العربية التي شكلت في السابق نواة طيبة للطبقة المتوسطة و أصبحت الفوارق الطبقية عارية و قاسية، حيث تتجاوز مظاهر الغنى الفاحش مع صور الفقر المدقع.
3- انتشار حالة اليأس و الإحباط التي يعيشها كثير من المواطنين و خاصة الشباب منهم بفعل المشاكل المزمنة و المستعصية التي يعانيها كالبطالة، السكن، التهميش...الخ و تفشي الحقرة بكل أشكالها و أساليبها.
هذه المؤشرات و الظواهر و غيرها تكشف بكل وضوح الفشل في تحقيق المطالب الأساسية الكبرى التي ذكرناها. لكن الفشل الأكبر و الأخطر تجسده تلك الممارسات و التوجهات الرامية إلى مصادرة الديمقراطية حديثة الولادة في الكثير من بلداننا، ففي السنوات الأخيرة ظهر أن هنالك نوعا من الاتفاق على اعتبار الديمقراطية حجر الزاوية في تركيبة الحل المناسب و الضروري لكل مشاكل الشباب العربي بالخصوص، لكن هناك نوعا من الاتفاق كذلك على أن فشل التجربة الديمقراطية أو نجاح من يرغب في إفشالها في تحويلها إلى هيكل دون مضمون و جسد بلا روح كفيل بأن يجعل منها سببا آخر من أسباب استمرار الوضع الحالي و تعقده.
|
Tags
You must be logged in to add tags.
Writer Profile
Adel
I am a fun and simple person, Initiating in charity work,
Rapid to receive learning and I've ability to connect quickly, Enthusiastic for joint action between the cultural development projects, I like all opportunities for people to meet with some and working for new idea of development...
|
Comments
Mamdouh Osama | Apr 20th, 2008
وصف دقيق لواقع الشعوب العربية وتلخيص شاف ووافي للأوضاع و الحلول.
نتمنى أن تشاركنا بالمزيد يا عادل.
You must be a TakingITGlobal member to post a comment. Sign up for free or login.
|
|