|
إن الشرط الأول و المبدئي لقيام أية تجربة ديمقراطية يتمثل في وجود الإطار الدستوري المناسب الذي ينص بشكل صريح على المبادئ الكبرى المعروفة التي ترتكز عليها النظم الديمقراطية، كمبدأ "الشعب صاحب السيادة و مصدر السلطة"، و مبدأ " المساواة بين المواطنين و ضمان حرياتهم و حقوقهم الفردية و الجماعية" و مبدأ "الفصل بين السلطات" و غيرها من المبادئ العامة التي أجمعت الشعوب و الأمم ذات السبق في هذا المضمار على اعتبارها قواعد لازمة لأي دستور ديمقراطي لكن التجارب و الممارسات أكدت أن وجود الدستور الديمقراطي ليس كافيا -و إن كان ضروريا- لقيام الديمقراطية الحقيقية بل لبد من توفر جملة من الشروط الأخرى الهامة و اللازمة للوصول إلى هذه الغاية تمثل المنظومة القانونية المتكيفة مع طبيعة و مقتضيات النظام الديمقراطي أحد هذه الشروط التي يمكن أن نوجزها في:
- أن تكون الإرادة الشعبية المعبر عنها من خلال الانتخابات الحرة و النزيهة هي السبيل الطبيعي و القانوني الوحيد للوصول إلى السلطة و الخروج منها.
- توفر حرية ممارسة النشاط السياسي العلني في ظل تعددية حزبية فعلية، بعيدا عن التمييز أو الإقصاء أو التهميش.
- حرية الكلام و التعبير بكل أشكاله و صوره و على رأسها حرية وسائل الإعلام المختلفة و استقلاليتها عن كل أنواع السلطة التنفيذية لتتحول حقيقة إلى صوت للسلطة الرابعة.
- استقلالية العدالة و القضاء.
- قيام مجتمع مدني حقيقي و فعال يستطيع أداء دور "السلطة المعاكسة" للسلطة العامة للدولة.
لكن قد يقول قائل إن هذه الشروط التي أوردناها حاضرة و متوفرة في بعض الدول العربية فهنالك الدستور المشبع بالمبادئ و القواعد الكبرى للنظم الديمقراطية و هناك انتخابات تنظم لاختيار كل السلطات العمومية من البلديات و المحافظات وصولا إلى البرلمان و انتخاب رئيس الجمهورية، و هنالك كذلك تعددية حزبية و عشرات الأحزاب تمارس نشاطها في حرية و علانية، و هناك عشرات العناوين الصحفية و القنوات الفضائية الحرة و المستقلة و هناك الآلاف من الجمعيات و المنظمات العاملة في نطاق المجتمع المدني و هناك قضاء و عدالة ينص الدستور صراحة على استقلاليتها هناك و هناك و هناك كل هذا و لكن لا توجد ديمقراطية!!؟
- فالمنظومة القانونية و الدستورية التي تحمل المبادئ و القواعد الأساسية للنظام و الممارسة الديمقراطية يعتدى عليها بطريقتين، إما عن طريق وضعها في قوالب تفصل على مقاس أشخاص محددين و فئات معينة، و إما عن طريق تجاوزها و الدوس عليها ببساطة عند تعارضها مع مصالح القابضين على زمام الحكم في بلداننا.
- و الانتخابات المزورة ما زالت تمثل المأساة الكبرى للديمقراطية العربية و الخطر الكبير الذي يتهددها.
- أما المجتمع المدني الذي من المفروض أن يمثل الكفة الموازية للسلطة و المراقب المستقل و الصوت لشعبي الصريح و المباشر فقد تم تدجينه و تحويله إلى امتداد لأجهزة معينة.
- في حين ما زالت حرية التعبير و الإعلام رغم التقدم الحاصل فيها مهددة بمخاطر عديدة...
حقيقة الأمر يا رفاق أن الهيكل و الوعاء موجودان لكن المضمون و المحتوى غائبان، الجسد حاضر لكن الروح بعيدة عنه.... لماذا يحدث هذا في بلداننا؟؟؟؟ لأن هناك من يقوم مع سبق الإصرار و الترصد بمصادرة الديمقراطية!!!
|
Tags
You must be logged in to add tags.
Writer Profile
Adel
I am a fun and simple person, Initiating in charity work,
Rapid to receive learning and I've ability to connect quickly, Enthusiastic for joint action between the cultural development projects, I like all opportunities for people to meet with some and working for new idea of development...
|
Comments
Mamdouh Osama | Apr 20th, 2008
وصف دقيق لواقع الشعوب العربية وتلخيص شاف ووافي للأوضاع و الحلول.
نتمنى أن تشاركنا بالمزيد يا عادل.
You must be a TakingITGlobal member to post a comment. Sign up for free or login.
|
|