سيمون :" عذرا , لكن اردت ان... أن طلب منك ... " مترددا .
الشاب :" تكلم ماذا تريد , لا تخاف لقد اخبرتك بأني مثلك ."
سيمون ": اردت فقط ان تجلس معي قليلا ربما نتحدث بشيء ما .. بالتأكيد اذا لم تكن مشغول نوعا ما ."
الشاب :" ما اسمك ؟"
سيمون :" انا سيمون ابلغ من العمر عشرون عاما , ابيع الفاكهة في هذه الشوارع اللعينة و أسكن في ذلك البيت الصغير الذي لا يكاد ان يتسع شخصان ."
الشاب :" عجب لأمرك !! و أين ذهب ذلك الخيط او الشيء الذي سيحقق أحلامك و يجعلك تشعر بحياة أفضل من هذه التي تعيشها .....
سيمون :" انها قريبة جدا لا يوجد بيني و بين تلك الاحلام الا شعرة بيضاء تكاد تنقطع و احقق كل امنياتي .. عذر ! لم اسألك ما أسمك !!؟؟
الشاب :" لا بأس, انا ادعى جاسبر , و ابلغ من العمر مثلك , و أعيش حياة افضل منك لكن لم افكر يوما أن اغير شيئا منها و لم املك ذلك الشيء الصغير الذي يقف بينك و بين أحلامك .. اتمنى لو كنت في مكانك الان .. "
سيمون :" لا تتمنى فلست في المكان الجميل كما تعتقد , و ماذا تعمل يا جاسبر ؟؟
جاسبر :" لم انهي دراستي و كنت اعمل في اشياء كثيرة من قبل و الان لا اعمل بشيء !! اخرج من الصباح الباكر ابحث عن عمل و لكن لا اجد و اعود متأخرا الى بيتي و انام حتى الصباح و هكذا تمر ايامي يوما تلو اليوم دون فائدة .. "
سيمون:" تنام حتى الصباح.. كم اتمنى يا صديقي ان اشعر بتلك اللذة التي تشعر بها .. عجبا!! الا ترى ان كل منا ينقصنا ما نمتلكه !! فأنت لا تعمل .. و أنا لا انام .. "
جاسبر :" نعم كلامك صحيح.. لكن لا اعلم من أين ابدأ ... لم تعد الحياة كما كانت من قبل ... متى سأصبح رجلا يعتمد عليه الاخرون و لديه اموال و اعمال و ليس لديه وقت ليجلس مع أحد فهو دائما يتنقل من مكان الى مكان و من عمل الى اخر و من بلد الى بلد و هكذا .. ما اجمل ذلك الشعور .. و ما اجمل تلك الراحة التي سوف تغمرني من فوقي الى تحتي .. لكن متى ... و أين ... و كيف .. لا ادري "
سيمون :" و أخيرا و جدت شيئا يشبهني كثيرا بك يا جاسبر .. كلانا يريد أن يغير و كلانا لا يعرف كيف !!
جاسبر :" نعم .. كلانا يريد و كلانا لا يعرف كيف .. عذرا سيمون يجب أن اذهب الان و اتمنى أن القاك ثانية و قد قطعت تلك الشعرة ... الى اللقاء .. "
سيمون :" سأفعل , لا تقلق .. الى اللقاء جاسبر .. "
ذهب جاسبر يمشي مسرعا و يتلفت حوله و يدخل من دكان الى اخرى يبحث عن عمل , و بقي سيمون جالسا وحيدا في تلك الزاوية المنعزلة دون أن يبيع شيئا , و بدأ يفكر بكلمات جاسبر التي من الممكن أن تغير شيئا من مجرى حياته , و بدأ المساء يخيم على ارجاء القرية الصغيرة , و بدأ الباعة يغلقون اماكنهم و يغادرون ...
في تلك الليلة عاد سيمون متعب البال و التفكير , و دخل الي البيت دون أن يتحدث مع أحد , و رمى بنفسه على فراشه ينظر الى سقف الغرفة التي امتلأت بالغبار و العناكب .. و بدأ يحدث نفسه و يقول :" أنا لا أملك شيئا في هذه الحياة , ليس لدي مال و لا قوة لكي أخرج من أزمتي هذه .. كيف لي ان أحقق أحلامي أو ربما اطلق عليها خرافتي تلك دون امتلاكي شيء ...لا اعرف ! لا اريد أن استيقظ غدا و قد نبتت شعرة اخرى بيضاء وسط رأسي ... كيف لي أن أحصل على المال و بعدها على القوة لكي ابدأ طريقي .. !!! الا يوجد شيء اخر استطيع أن ابدأ به .. المال ليس كل شيء و القوة ليست ايضا ... أذا ما هو الشيء الاخر الذي ابدأ به حياتي و أحقق أمنياتي .... يجب أن اصل الى ذلك الشيء ... ."
نام سيمون و هو يفكر بذلك الشيء الذي سيبدأ به , و كانت هي تلك الليلة الاولى التي ينام به سيمون منذ وقت طويل عندما استيقظ شعر براحة لم يكن يشعر بها من قبل , لم يصدق انه استطاع ان ينام , بدى و كأنه يحلم , قام سيمون من فراشه مسرعا الى المرأة و بدأ يمعن النظر في رأسه و يبحث هنا و هناك في رأسه ما اذا كانت نبتت شعرة بيضاء اخرى , لكنه لم يجد شيئا , بعد ذلك خرج الى العمل و كان يتجه نحو الزاوية التي جلس فيها بالأمس , و عندما وصل الى تلك الزاوية المعزولة تفاجئ بأن جاسبر كان يجلس في نفس المكان و بدى كأنه ينتظر أحد ما .