كثيرٌ منا يسمع عن الأزمة المالية العالمية وربما يجلس بعض الوقت يفكر فيها وما هيتها وما يمكن أن توثر في دولنا وشعوبنا.
ويبرز سؤال جوهري ( ما هي الأزمة المالية العالمية؟ وما تدعياتها على العالم؟ ولماذا ارتبطت بالولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد؟...).
فمنذ بروز النظام القطبي الواحد في أعقاب إنهيار الإتحاد السوفيتي في أواخر عقد التسعينات من القرن العشرين، ظهر جليا ولادة نظام إقتصادي دولي جديد بدأ يتشكل مع بدايات القرن العشرين ( من خلال دعوات تحرير التجارة الدولية ومفكريها: آدم سميث وريكاردو...)، ونتيجة أزمة الكساد العظيم والتي سادت في ثلاثينات القرن السابق، بدأت نتائج الحروب العالمية الأولى والثانية تلعب دور في التأثير على مسار الأحداث الدولية في مرحلة ما بعد تلك الحروب، مما أوجد معه إرهاصات لإمكانية ولادة نظام اقتصادي دولي ، ظهرت معالمه قبل نهاية الحرب العالمية الثانية في مؤتمر بريتون وودز(Breton Woods) عام 1944 والذي أسفر عن ولادة نظام مالي دولي متمثل بإنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، ثم إنشاء اتفاقية الجات عام 1947، والتي كانت تشكل الإطار العملي والقانوني لمنظمة التجارة العالمية والتي ظهرت عام 1995 في اتفاقية مراكش. فكانت تشكل النظام التجاري العالمي. فقد نشأت المؤسسات الاقتصادية العالمية من أجل قيادة نظام اقتصادي عالمي في إطاره المالي والتجاري وبتأثير من الفاعلين الدوليين(الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها) وقد المنافسة الدولية إطار للتعاملات بين الدول شكلت جانب مؤثر في تحديد العلاقة الدولية بين المعسكر الشرقي(المنظومة الاشتراكية) والمعسكر الغربي(المنظومة الرأسمالية اليبرالية) والتي أخذت خطاً عموديا في تمايز الصراع القائم بين الدول النامية(دول الجنوب) ودول المتقدمة(دول الشمال الغنية) والتي حددت معالم وخصائص النظام الاقتصادي العالمي وتبعاته. إذ هيمنت التحالفات الدولية في فترة الحرب الباردة(الصراع بين الشرق الاشتراكي(USSR) والغرب الرأسمالي(USA) ولجوء غالبية الدول النامية للمعسكر الشرقي القائم على فكرة إحتفاظ الدولة بقوة وهيمنتها على الاقتصاد الوطني. واستمرت مراحل الصراع بين المعسكرين بما يمثل كل طرف من خصائص ، مما أوجد في مرحلة من المراحل سيطرة كاملة للمنظومة الرأسمالية المتمثلة بالمؤسسات الدولية والتي شكلت مصادر للإقراض الدولي والتي كانت الدول النامية بحاجة لها للنهوض باقتصادياتها، فشكل موضوع النمو والتنمية الاقتصادية جانب مهم في سير الأحداث كون أزمة النفط والتي ظهرت في مرحلة السبعينات من القرن الماضي قد خلقت مرحلة كساد كبير في الاقتصاد العالمي قد أضر ت باقتصاديات الدول المتقدمة بسبب ارتفاع اسعار النفط وزيادة التضخم( حيث أن النفط في تلك الفترة كان مصدر مهم للصناعات وبداية الحديث عن ثورة صناعية) وكون الدول المسيطرة على العالم( الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي) لم تكن تسيطر على مواقع النفط في العالم(الشرق الأوسط)، فبدأت تظهر أزمة الديون العالمية( المتمثلة بأزمة المكسيك عام 1982 كمثال لتأثر اقتصاديات العالم الثالث بأزمة القروض الخارجية وبداية سيطرة النظام الرأسمالي على سياسات العالم من خلال الجانب الاقتصادي، وشكل انهيار الإتحاد السوفييتي فرصة لنهوض النظام الرأسمالي بعد أن فقدت الاشتراكية مصداقيتها في البقاء، مما دفع معظم الدول النامية إلى الأخذ بالطريق الثاني المتبقي كي لا تعيش في حالة من التهميش، وهو الخيار الرأسمالي( والذي ظهر بقوة في فترة التسعينات من القرن العشرين بظهور الحديث عن العولمة بجوانبها المختلفة والتأثيرات السياسية والاقتصادية والثقافية المختلفة والتي أظهرت زيادة أكثر في الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية بعد إنكفاء المنظومة الاشتراكية وبدأ انصياع الدول النامية لما يسمى (بالمشروطية السياسية ) للمؤسسات المالية الدولية وبشكل واضح بعد ظهور منظمة التجارة العالمية وبدأ سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم إقتصاديا من خلال هذه المؤسسات الدولية، وبروز الاتكتلات الاقتصادية العملاقة وسيطرة الشركات متعددة الجنسيات على اقتصاديات وسياسات دول العلم الثالث، وامتدت السيطرة الأمريكية على تأخذ منحى التصاعد بعد أحداث 11 سيبتمبر 2001 والحملة الأمريكية على الإرهاب .