ببساطة يمكن تلخيص أزمة «الوقود الحيوي» في العالم بان هذه الطاقة أدت إلى تزايد الطلب العالمي علي المحاصيل الزراعية مثل الزيوت والقمح والحبوب والبقوليات مما رفع من سعرها، لذلك يلجأ المزارعون الى زيادة الرقعة الزراعية على حساب الغابات.. السؤال الذي كان يحير عددا كبيرا من العلماء وخبراء البيئة والغذاء في العالم طوال الأشهر القليلة الماضية هو «هل نقلل حجم التوسع في تدمير الغابات حتى لا تتأثر البيئة؟ وبالتالي ترتفع الأسعار العالمية للطاقة والغذاء معا، أم نتوقف عن استخدام الطاقة الحيوية ذات الأضرار البيئية المنخفضة ويبقي اعتمادنا علي الطاقة التقليدية التي تتسبب في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري؟ وأخيرا جاءت الإجابة علي لسان ليستر براون أحد خبراء معهد سياسة الأرض العالمي الذي أكد أن الطاقة الحيوية انتصرت لـ800 مليون نسمة يمتلكون سيارات في العالم علي حساب 800 مليون نسمة يعانون من الجوع والفقر، وهو نفس ما أكده باحثان أمريكيان كانا قد أعلنا أن معدلات الجوع سوف ترتفع إلي 1.2 مليار شخص في عام 2025
ومؤخرا قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي أن تكلفة إطعام الجوعى في العالم زادت حوالي 40% ويرجع ذلك بشكل أساسي إلي الارتفاع الكبير في أسعار الأغذية والنفط
كما طلب روبرت زوليك رئيس البنك الدولي من حكومات الدول المتقدمة دعم برنامج الغذاء العالمي بـ500 مليون دولار إضافية، كما حذر من ارتفاع أسعار المواد والمحاصيل الغذائية الأساسية بنسب تتراوح ما بين 83% و181% خلال السنوات الثلاث المقبلة نتيجة لزيادة معدلات استخدام الوقود الحيوي في العالم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يبيع المزارعون خمس إنتاجهم من محصول الذرة لمنتجي وقود «الايثانول» وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار الذرة وباقي الحبوب الأخرى بصورة جنونية، حيث ان كمية الحبوب اللازمة لإنتاج الوقود الحيوي اللازم لملء خزان سيارة واحدة يكفي لإطعام شخص لمدة عام كامل.. ويشير ذلك إلي مدي خطورة «الوقود الحيوي» علي سوق الغذاء العالمية خاصة مع ارتفاع الميزانية المخصصة لاستخراج الطاقة من النباتات من 5 مليارات دولار في عام 1995 لتصل إلي 38 مليار دولار في عام 2005، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الميزانية إلي 100 مليار دولار في عام 2010
وعلى ذلك فيجب على الدول العربية المستهلكة والمستوردة للزيوت والدهون الغذائية أن تقوم سواء منفردة أو مجتمعة بسرعة وضع الدراسات اللازمة للتوصل إلى ما يجب تنفيذه من نتائج وقرارات وتوصيات ووضع خطط وبرامج سريعة قصيرة وطويلة الأجل وخطة إستراتيجية قصيرة وطويلة المدى لزراعة المحاصيل الإستراتيجية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد وتشغل الطاقات الإنتاجية العاطلة في المصانع لتجنب الأخطار والآثار السيئة الناشئة عن استخدام الزيوت النباتية في إنتاج الطاقة الحيوية وحتى يمكن ملأ الفجوة محليا بين الإنتاج والاستهلاك والتي سيزداد اتساعها عاما بعد عام إن لم يتم مواجهة هذه المشكلة بسرعة وحزم
والله الموفق ،،،،