by Reda Ibrahem Abdelgalil | |
Published on: May 12, 2008 | |
Topic: | |
Type: Opinions | |
https://www.tigweb.org/express/panorama/article.html?ContentID=20305 | |
قبل عدة سنوات كان حلم أن تسير السيارات بعصير القصب أو بزيت الذرة مجرد نكتة لا يصدقها أحد، لكن في الأيام الأخيرة أصبحت النكتة أو الحلم جزءا من الواقع.. وظهر مصطلح جديد في سوق البترول العالمي اسمه «الوقود الحيوي أو الذهب الأخضر»، اعتبره الأمريكيون في الفترة الأخيرة «وقود المستقبل» أو ثورة جديدة في الاقتصاد العالمي، ووصل الأمر إلي أن يصبح أحد الأوراق الرابحة في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة جاء ظهور «الوقود الحيوي» في العالم ليثير مع أحلام الاستغناء عن البترول مخاوف عالمية من دخول كوكب الأرض في مجاعة غذائية خاصة أن زراعة سطح الأرض بالمحاصيل المستخدمة في إنتاج «الوقود الحيوي» سوف يكون علي حساب «المحاصيل الغذائية الأخرى» وهو ما يعني أن «الوقود الحيوي» يقلب كل معدلات سوق الغذاء العالمي، الذي دخل في حالة طوارئ مبكرة، مما أدي لارتفاع أسعار المنتجات الغذائية في العالم كله فضلا عن التأثيرات البيئية الخطيرة نتيجة تحويل غابات الأمازون البرازيلية التي تعتبر مصدر تنوع بيولوجي فريد في العالم ولكونها جزءا من رئة كوكب الأرض التي تنتج غاز الأكسجين أصبحت علي وشك الفناء نتيجة تحولها إلي مزارع للماشية وحقول لإنتاج الذرة والصويا مما أدى إلى دق ناقوس الخطر في العالم كله ومع تزايد الطلب العالمي علي هذا النوع الجديد من الطاقة، أصبح «الوقود الحيوي» موضة رجال السياسة في العالم كله، خاصة في أمريكا، وكانت البداية علي يد مرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، التي أعلنت عن خطتها في ولاية «أيوا» التي تضم 53 ألف شخص يعملون في مجال «الطاقة الحيوية» ويستثمرون فيها ما يقرب من 1.8 مليار دولار بأن تطرح كل محطات البنزين الأمريكية وقود «الايثانول» المستخرج من المحاصيل الزراعية وذلك بحلول عام 2017 ومن الجدير بالذكر أن الزيوت النباتية من السلع الإستراتيجية المهمة جدا التي تعانى الدول العربية من العجز في إنتاجها حيث قفزت أسعار الزيوت عام 2007 إلى مستويات قياسية وصلت إلى 150 % تقريبا وتشير الإحصاءات إلى أن مخزون الزيوت العالمي في عام 2008 سينخفض إلى أدنى مستوى له نتيجة لاستخدامه في إنتاج كطاقة بديلة بعد ارتفاع أسعار البترول إلى مستويات قياسية وكذلك لزيادة النمو في الصين والهند وزيادة معدل استهلاك الزيوت بهما، وهذا الموقف سوف يزداد تعقيدا وتصبح هذه الحالة أكثر صعوبة في المستقبل القريب نتيجة لعدم توافر الطاقات الإنتاجية العالمية اللازمة لتغطية احتياجات الاستهلاك الغذائي العالمي من الزيوت الغذائية نتيجة لوفرة البترول والغاز الطبيعي الرخيص خلال القرن العشرين سمح ذلك لنمو هائل في الإنتاج الزراعي عن طريق استخدام الميكنة الزراعية والأسمدة والمبيدات الحشرية ونتيجة لذلك تضاعف عدد سكان العالم أربع مرات خلال القرن العشرين من 1600 مليون نسمة في عام 1900 ليصل إلى 6 مليار في عام 2000، و بعد أن يبلغ إنتاج البترول ذروته فمن المتوقع أن يبدأ الإنتاج الزراعي العالمي في التقلص تدريجيا وبالتالي سترتفع اسعار المنتجات الزراعية في الأسواق الدولية ولن يصبح هناك طعام يكفي استهلاك العالم، وتوقع حدوث مجاعات في دول لم يكن المتخصصون في هذا المجال يتصورون حدوث مجاعات به.ا لذا من الأهمية بمكان بيان مستقبل إنتاج الوقود الحيوي عالميا من الزيوت النباتية ومن الحاصلات الزراعية الأخرى حيث بدأت البرازيل ثورة كبيرة في إنتاج الوقود من الحاصلات الزراعية وذلك بإنتاج الايثانول (الكحول الايثيلى) من قصب السكر وبأسعار تقل ضعفين عن تكاليف إنتاجه في الولايات المتحدة والتي تنتجه من الذرة، وقامت البرازيل بتحويل موتورات السيارات لتصبح مزدوجة الوقود من خليط من الايثانول والبنزين، ومن جانب آخر بدأت الدول الصناعية في استخدام الوقود الحيوي كمصدر للطاقة بدلا عن النفط حيث تم إنشاء عشرات المصانع في الولايات المتحدة وفرنسا وأسبانيا وألمانيا وماليزيا والبرازيل لإنتاج الوقود الحيوي، ويتميز الوقود الحيوي بكونه اقتصادي في عملية التسخين وذو جودة عالية ويتم استخدام الجلسرول كمنتج ثانوي من عملية التفاعل فضلا عن أن التكنولوجيا المستخدمة بسيطة ولا تسبب تلوث للبيئة وكذلك يتم استخدام الزيوت منخفضة الجودة والتي تحتوى على نسبة حموضة عالية 10 % بعد معاملتها كيماويا مثل الزيوت الناتجة من القلي والتحمير والناتجة من مصانع الشيبسى وغيرها، هذا ووصلت الطاقات الإنتاجية المنتجة من الوقود الحيوي لعام 2007 إلى 15 مليون طن بعد أن كانت 1.2 مليون طن عام 2002، كما أن هناك حاليا أكثر من (100) مشروع فى العالم سوف تضيف حوالي 8 - 10 مليون طن من الوقود الحيوي ومليون طن من الجلسرين سنويا، وبجانب تلك المشروعات القائمة وتلك المعلن عن إقامتها في دول السوق الأوروبية والولايات المتحدة فيعتقد أن كل من البرازيل وماليزيا والصين ستشهد المزيد من المشروعات الجديدة لإنتاج الوقود الحيوي بتكاليف منخفضة، علما بأن المواد الخام الرئيسية المستخدمة في إنتاج الطاقة الحيوية هي (زيت فول الصويا وزيت الذرة) في الولايات المتحدة، (زيوت اللفت ودوار الشمس والصويا والنخيل) في أوروبا، (زيت فول الصويا وزيت النخيل) فى البرازيل، (زيت النخيل) في ماليزيا. ببساطة يمكن تلخيص أزمة «الوقود الحيوي» في العالم بان هذه الطاقة أدت إلى تزايد الطلب العالمي علي المحاصيل الزراعية مثل الزيوت والقمح والحبوب والبقوليات مما رفع من سعرها، لذلك يلجأ المزارعون الى زيادة الرقعة الزراعية على حساب الغابات.. السؤال الذي كان يحير عددا كبيرا من العلماء وخبراء البيئة والغذاء في العالم طوال الأشهر القليلة الماضية هو «هل نقلل حجم التوسع في تدمير الغابات حتى لا تتأثر البيئة؟ وبالتالي ترتفع الأسعار العالمية للطاقة والغذاء معا، أم نتوقف عن استخدام الطاقة الحيوية ذات الأضرار البيئية المنخفضة ويبقي اعتمادنا علي الطاقة التقليدية التي تتسبب في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري؟ وأخيرا جاءت الإجابة علي لسان ليستر براون أحد خبراء معهد سياسة الأرض العالمي الذي أكد أن الطاقة الحيوية انتصرت لـ800 مليون نسمة يمتلكون سيارات في العالم علي حساب 800 مليون نسمة يعانون من الجوع والفقر، وهو نفس ما أكده باحثان أمريكيان كانا قد أعلنا أن معدلات الجوع سوف ترتفع إلي 1.2 مليار شخص في عام 2025 ومؤخرا قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي أن تكلفة إطعام الجوعى في العالم زادت حوالي 40% ويرجع ذلك بشكل أساسي إلي الارتفاع الكبير في أسعار الأغذية والنفط كما طلب روبرت زوليك رئيس البنك الدولي من حكومات الدول المتقدمة دعم برنامج الغذاء العالمي بـ500 مليون دولار إضافية، كما حذر من ارتفاع أسعار المواد والمحاصيل الغذائية الأساسية بنسب تتراوح ما بين 83% و181% خلال السنوات الثلاث المقبلة نتيجة لزيادة معدلات استخدام الوقود الحيوي في العالم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يبيع المزارعون خمس إنتاجهم من محصول الذرة لمنتجي وقود «الايثانول» وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار الذرة وباقي الحبوب الأخرى بصورة جنونية، حيث ان كمية الحبوب اللازمة لإنتاج الوقود الحيوي اللازم لملء خزان سيارة واحدة يكفي لإطعام شخص لمدة عام كامل.. ويشير ذلك إلي مدي خطورة «الوقود الحيوي» علي سوق الغذاء العالمية خاصة مع ارتفاع الميزانية المخصصة لاستخراج الطاقة من النباتات من 5 مليارات دولار في عام 1995 لتصل إلي 38 مليار دولار في عام 2005، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الميزانية إلي 100 مليار دولار في عام 2010 وعلى ذلك فيجب على الدول العربية المستهلكة والمستوردة للزيوت والدهون الغذائية أن تقوم سواء منفردة أو مجتمعة بسرعة وضع الدراسات اللازمة للتوصل إلى ما يجب تنفيذه من نتائج وقرارات وتوصيات ووضع خطط وبرامج سريعة قصيرة وطويلة الأجل وخطة إستراتيجية قصيرة وطويلة المدى لزراعة المحاصيل الإستراتيجية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد وتشغل الطاقات الإنتاجية العاطلة في المصانع لتجنب الأخطار والآثار السيئة الناشئة عن استخدام الزيوت النباتية في إنتاج الطاقة الحيوية وحتى يمكن ملأ الفجوة محليا بين الإنتاج والاستهلاك والتي سيزداد اتساعها عاما بعد عام إن لم يتم مواجهة هذه المشكلة بسرعة وحزم والله الموفق ،،،، « return. |