by ahmed ezz el din
Published on: Apr 6, 2010
Topic:
Type: Experiences

التغيير، الثقافة العامة للشباب، الحوار، الفجوة الثقافية... كلمات ضخمة و براقة تشعرك بأن محدثك خطيب مفوه واسع الثقافة. أما أنا فشاب مصرى عادى. أتحدث بلسان حالى. و أروى حكايتى فى ذلك العصر بألفاظ عادية. كلمات بسيطة تشبه تلك الكلمات المختصرة التى يدردش بها الشباب على الأنترنت... فهذه ببساطة حكاية شاب شاهد على عصره.
يومى ينحصر بين حدثين. الأول هو تصفح الأنترنت لمعرفة الأخبار و ما وصل إلى من رسائل. أما الحدث الثانى فلا يختلف عن سابقه. يقول الأديب الكبير طه حسين " العلم كالماء و الهواء". و بالنسبة لى " الإنترنت كالماء و الهواء". فلا أتخيل اليوم بدون معرفة أخبار جديدة، بدون استلام رسائل من أصدقاء فى أخر الدنيا، بدون التطفل على الآخرين من خلال " الفيس بوك". ربما حاولت أن استخدم جوالى لأتصفح الإنترنت، ففشلت. و لكن أصدقكم القول، كثير من الشباب يستطيع أن يفعل ما أعجز أنا عنه من خلال تكنولوجيا " البلاك برى". سأجمع بعضا من المال لكى أشتريه يوما، و لكن ربما يكون حينها أمرا من الماضى. لا زلت متخلفا بعض الشيء عن أقرانى. و لكنى لا أجد عيبا فى ذلك، فحتى بلدى المستهلكة لا زالت خلف التكنولوجيا المنتجة " يعنى هى وقفت على أنا".
أسمع كثيرا عن دور الأنترنت فى التغيير، و أنظر الى حياتى فأقول " و الله الناس عندها حق". فقد شاركت فى أنشطة إتصال عير الإنترنت، و المنحة التى أدرس من خلالها عرفتها من الإنترنت، و تلك المسابقة التى أكتب اليها .. هى الأخرى من الإنترنت. فلا شك أن الإنترنت قد فتح لى أبواب جديدة للمعرفة و الإتصال و الحصول على الفرص " أكثر خيره".
صديقتى راندا تعرفت عليها من خلال أحدى المواقع الأجتماعية. أخبرتنى حكايتها بصدق. فتاة من عرب أسرائيل تعيش فى قلب ذاك المجتمع الغامض بالنسبة إلينا. لا أعرف هل كنت أستطيع أن أقابل أحدا يعيش فى أسرائيل فى حياتى الواقعية؟. و لكن حتى إن قابلته، استطيع أن أجزم بأنى ما كنت سأحدثه أو أحاول الأقتراب منه. و لكن إذا كنت تتحدث فى عالم متخيل مثل الإنترنت فالأمر يصير مختلفا. فالإنترنت يمنحك قوة لاقتحام المجهول بقوة، فهناك لا أحد يعرفك، و لا سبيل الى أن يكشف سرك. و هكذا تعرفت على راندا، و صارت بيننا أحاديث طويلة جعلتنى أرى بعيون الآخر كما أستطيع أن أرى بعيونى.
أشاهد أفلام هوليوود، فأحلم بتلك الأراضى البعيدة فى ما وراء المحيط. دائما ما تصور لنا أنها جنة لا يشقى فيها أحد. آمنت بهذا لقترة ليست بقصيرة، حتى انكشف لى الأمر. تعرفت على " أماندا" من خلال أحدى غرف الدردشة لتبدأ رحلة معرفة جديدة. حدثتنى كثيرا عن حالة التفكك الأسرى الذى تعانيه، عن مشاكلها مع صديقها بعد الإنجاب منه دون زواج، حدثتنى عن الفقر الذى تعانى منه. شعرت بأن حقائق كثيرة تتضح أمامى ... فلا توجد جنة على الأرض.
هل كنت سأحدث راندا التى تعيش فى قلب أسرائيل، أو أماندا فى أمريكا فى حياتى الحقيقية؟. لا أعرف بالتأكيد، و لكنى متيقن من أنى أستطيع أن اتحدث اليهما و كثيرين من خلال الإنترنت. ربما أصبحت أكثر تفهما لوضعهما الآن قبل أن أحدثهما. بدأت تلك الأفكار بأن هؤلاء الأجانب كائنات أخرى لا يمكن الأختلاط بها إلا فى حالة أشتعال تطير من رأسى.
غرف الدردشة عوالم أخرى تدور فيها صراعات مغايرة عن رقة الأحاديث الجانبية. أذكر أنى دخلت غير ذات مرة الى غرف الأديان فوجدت صراعات عنيفة و سباب منهمر. حرب دينية تدور فى تلك الغرفة الوهمية. دخلت للغرفة كالضيف المشاهد، و لا أنكر أنى تضايقت كثيرا و أستفدت أيضا. الآن أصبحت أرى كيف ينظر الآخر الينا، و كيف ننظر اليه. أحاول أن أنظر للأشياء بمنظور أكثر شمولية للأبعاد المختلفة. إلا أن الإنترنت أيضا عالما مفتوحا يعرفك على الممنوعات فى مجتمعك. فلفظة المثلية الجنسية قرأتها لأول مرة على الإنترنت. و لكن لم يفلح الإنترنت فى تغيير نظرتى الى المثليين. لا أنكر أن الإنترنت غير الكثير من وجهات نظرى، و لكن بعضها لا تزال ثابتة.
كل شيء بسيط فى العالم الرقمى... و عالمى الرقمى هو الأنترنت. لا تحتاج الا لجهاز كمبيوتر و وصلة إنترنت، لتدخل عالما كبيرا، تقابل أناس لن تراهم فى الحقيقة، تذهب لأماكن محظورة. أستطيع الآن أن أعرف كل ما هو جديد، و غامض، و ممنوع. الأنترنت مثل البحر، و رواده يسبحون أو يغرقون.


« return.