قد أهـــانــني صــــديـــقٌ بالمعان
فـفهـمتُ أنّ قـــــــــــــوله عـناني
ســخــرالرجــــل مـن فــتىً أبوهُ
يـتـكـفـّل بــه طـــــــــــول الزمان
فشعرتُ بالأســـى وهــم ضحكوا
ساخرين من فـــــــتىً كان يُعاني
وإذا افـتـقـر ذو مــــوهـــــبـة في
بــيــئةٍ يشــعر فـــــــيـها بالهوان
من أنـاس لا يُــقـــدرون فـــكــرا
يجعل الإنــــــــسان فوق الحيوان
قـد أصـابــتِ الفــؤادَ الكــلـمـاتُ
جرحت كالسهم قــــلــــبا بالطعان
قد تزول ضربـات السـيف بُـرءا
ويدوم في الورى جـــــرحُ اللسان
جعلني عاجزا عـن كسـب قـوت
إن أنـا قـد اشــتـــــــغــلـتُ بالبيان
وإذا أهـمـلـتِ الـبــلــــدان فـكـرا
تــتـخــلــف بــكــــبـــــح الدوران
ولقد راجــت تــجـــارة المجــون
حفلات للهــــــــوى مـــــع القيان
أبْـْعِـدَ كــلّ أدـيــــــبٍ بــارعٍ في
فــنــّه مُـقـصىً هـنـاك في المكان
عـبـثا نــراهُ دائـــــما وفـــوضـًى
قد تـراكــمـتْ ســـنـــيــن الهذيان
فإذا لم تـعـتــلي العــقـــول قــوما
سيخيب كل جُــــهـــدٍ فـي الزمان
هل ستـرتقي الشعوب دون فـكـرٍ
مــن عــمــالــقــتــها بـعـد الأمان
هل سترتقي الشعوب دون عـلـمٍ
به نـصــلــح حــــضــارة الجـِنان
هل سترتقي الشعـوب دون شعرٍ
قد أضــــاء كـــــمـــــنـارة العنان
هل يُـــقــــدّرُ عــبــاقــرة دهـــرٍ
مَن يُساوي بـيـن صخرٍ والجُمان
إنني أشتكِ من فوضىً طغتْ في
مــدنٍ غـابـتْ مـعـايــيـرُ المعاني
أصبح الـنـابــغ كالأســيـر فـيها
شـــــرّدتـه كــــتــلٌ قـالـت كفاني
لا أريــدُ أدبـا لـم يــجـنِ شــيئا
مثل أرضٍ أنـتجـتْ بـــرَّ الحسان
فـفـراغُه أشـــدّ مــن سـجــونٍ
قد تــمـكّـــنـه مــن رفــع الهوان
قد تناسى أن أمــــــــــــةً بدون
أدبٍ ليس لها لها قـــــدرُ الزمان
إذا لـم نُـــعــط ذا الأدب قـــدْرا
كـيـف يسـتـقـيـمُ مــنهـجُ الرّهان
كلّ مــهـــنةٍ لـها أبـطالها هـم
مِـثـلَ أنـجــمٍ رمـــوزٌ في الزمان
فـبـمنْ سـيـقـتـدِ الطالـبُ دربا
في مـسـيــــرتـه بـعـد الهـيـجان
إنـنا نبني جـسـور المجد فعلا
لـِبَـني الجــيــل غـدا قـبل الأوان
كل ما أراه فـي هـــذا الوجـود
من أسى العرب فيها قد شجاني
كلُّ قـلـبٍ فــيـه نخـــوةٌ يــئـنُّ
مـن مـصـابٍ جـــلـل نــراه داني
كلُّ كربٍ مـنهـمُ أصـبح يـدنـو
مـثل حــيّـةٍ وهــم بـيـن الغواني
ولقد تفاقمتِ الأموربعد جـفاءٍ
كلُّ شخصٍ قد رمى حـُـبّ الحنان
فالمودّةُ التي غابـتْ هــنا مـن
كـلِّ قــلـبٍ هـــي مــاءُ الجـريان
بـه تـحيا كـائـنـاتٌ في محـيـطٍ