by Reda Ibrahem Abdelgalil
Published on: Aug 2, 2009
Topic:
Type: Opinions

التلوث البيئى وسلامة الغذاء


لقد خلق الله سبحانه وتعالى الارض وكل ما عليها من موجودات بمقدار واتزان وتناسب كما وكيفا وجعل للإنسان حق الاستثمار والانتفاع والتسخير لهذه الموجودات حسب منافعه ومصالحه ومع تطور الحياة آخذ هذا الاتزان يتأرجح شيئا فشيئا فأنتج الإنسان – بقصد أو بدون قصد- كميات كبيرة من الملوثات الضارة كى يحقق بعض الأهداف الاقتصادية ونتيجة لتدخل الإنسان غير المدروس أدى ذلك إلى تغير نظام البيئة وتلوث غذائه مما انعكس على صحته واصابته بالعديد من الأمراض التى لم تكن معروفة أو شائعة حتى وقت قريب
البيئة هى كل ما يحيط بنا من موجودات تشمل كل الكائنات الحية والموارد الطبيعية التى يستغلها الإنسان فى غذائه وكسائه ومعيشته ورفاهيته، ونتيجة لتفاعل الإنسان والكائنات الأخرى مع البيئة قد يحدث نوع من الخلل فى التوازن البيئى، حيث إن الهواء الذى نتنفسه والطعام الذى نتغذى علية والماء الذى نشربه ونستخدمه فى أغراض كثيرة قد أصبحوا من اهم مصادر الخطورة على صحة الإنسان.
لذا، أصبحت قضية البيئة وحمايتها والمحافظة عليها من مختلف أنواع التلوث واحدة من أهم قضايا العصر وتحدى رئيسى من التحديات التى تواجهها البلاد النامية خاصة فى التخطيط للتنمية الشاملة فى ضوء التجارب التى خاضتها الدول المتقدمة والمشاكل البيئية المعقدة التى تحاول أن تجد لها الحلول الممكنة قبل أن تقضى تراكمات التلوث على إمكان العلاج الناجح ولم تعتبر عوامل التنمية رغم أهميتها البالغة عذر لتجاهل المحافظة على البيئة أو اتخاذ التدابير الفعالة لمكافحة التلوث فالقضية هى قضية البقاء ونوعية الحياة التى يحياها الإنسان
التلوث البيئي هو إحداث تغير في البيئة المحيطة بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية مما يؤدي إلي ظهور بعض الموارد التي لا تتلائم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي إلي اختلاله، اى أن التلوث البيئى هو كل تغير كيفى فى مكونات البيئة الحية وغير الحية ولا تستطيع الأنظمة البيئية استيعابه دون أن يختل توازنها
اشكال التلوث البيئى
1- التلوث الهوائي :
يعتبر اكثر أشكال التلوث انتشارا لسهولة انتقاله وانتشاره من منطقة إلى أخرى خلال فترة زمنية وجيزة ويؤثر هذا النوع من التلوث على الإنسان والحيوان والنبات تأثيرا مباشرا ويخلف آثارا بيئية وصحية واقتصادية واضحة على صحة الإنسان والحيوان وانخفاض كفاءتهم الإنتاجية
2- التلوث البصرى:
هو تشويه لأي منظر تقع عليه عين الإنسان ويحس بعدم الارتياح النفسي لة، ويوصف أيضاًً بانعدام التذوق الفنى واختفاء الصورة الجمالية لكل شئ يحيط بنا
3- التلوث المائى:
يشمل تلوث المياه سواء العذبة او المالحة، ويكون لهذا النوع من التلوث آثار بيئية ضارة وقاتلة حيث أنها قد تقضي على الكائنات النباتية والحيوانية وتؤثر بشكل واضح على السلسلة الغذائية والملوثات العضوية منها تستهلك جزء كبير من الأكسجين الذائب في الماء.
4- التلوث السمعى:
يرتبط التلوث السمعى أو الضوضاء ارتباط وثيقاًً بالحضر والمدن الكبرى والأماكن الاكثر تقدماًً وخاصة الأماكن الصناعية نتيجة التوسع في استخدام الآلات ووسائل التكنولوجيا الحديثة
5- تلوث التربة:
تتلوث التربة نتيجة استعمال الأسمدة والمبيدات وإلقاء الفضلات الصناعية، وينعكس ذلك على الكائنات الحية في التربة وخصوبتها مما ينعكس أثره على النبات والحيوان وبالتالى على الإنسان
6- التلوث الغذائي:
التلوث الغذائي عبارة عـن احتواء المواد الغذائية على الجراثيم أو المواد الكيمائية أو الطبيعية أو المشعّة المسببة للأمراض التى تؤدّي إلى حدوث التسمّم الغذائي، والتلوث الغذائي قـد يكون:
1 ـ تلوث طبيعي ناتج عن تحلل الغذاء بسبب البكتيريا والفطـريات أو طـول فتـرة التخزين أو التعرّض للإشعاع الطبيعي أو غير ذلك من العوامل التي قـد لا يكون الإنسان سبباً مباشراً فيها
2 ـ تلوث غير طبيعي ناتج أساساً من تصرّفات الإنسان– بقصد او بدون قصد - مثل التلوث الكيماوي للأغذية، ولقد كان للتطور المذهل فى صناعة الأغذية خلال الخمسين عاما الماضية أكبر الأثر فى تلوث الطعام كيميائيا عن طريق استخدام الأسمدة الصناعية والمبيدات الحشرية وعدم معالجة مخلفات المصانع وانشاء الطرق السريعة بالقرب من الحقول الزراعية، وتعتبر المعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص والزرنيخ من أخطر المواد الملوثة للتربة الزراعية ومياه الشرب ومياه الرى وبالتالى المحاصيل الزراعية
يعتبر الغذاء من اهم اولويات الإنسان باعتباره أهم مقومات الحياة وقد سعى للحصول على الغذاء بطرق ووسائل مختلفة، وكان الحصول علية في العصور الماضية أمراً شاقا ولكنه كان خاليا من التلوث ونتيجة للتطور الكبير في وسائل الإنتاج واستخدام التكنولوجيا على نطاق واسع زاد من الانتاج الزراعي كماً ونوعاً ومع دخول القرن العشرين زاد تلوث البيئة بشكل تدريجي حتى أصبحت البيئة تعاني من مشاكل خطيرة بنهايات القرن العشرين، ولقد تنبه العالم إلى هذا الواقع نتيجة إرتفاع نسب الإصابة بالأمراض المزمنة والمستعصية ونادى بأهمية المحافظة على سلامة الغذاء لرفع المستوى الصحي لدى جميع فئات المجتمع من الاطفال والرجال والنساء وكبار السن، لذلك يجب الاهتمام بسلامة الغذاء والماء اللذان يعتبران عنصرين مهمين من عناصر البيئة التي تحيط بنا والتي لها ارتباط مباشر ودقيق برفع المستوى الصح لافراد المجتمع
ويمكن تقليل التلوث بالتحكم فى الظروف الخارجية التى تحيط بالمادة الغذائية وإتباع الممارسات الصحية السليمة فى كل ما يتعلق بانتاج وتداول وتصنيع وتخزين وتحضير الغذاء والتركيز على النواحى الصحية والصحة العامة ونشر الوعى الصحى بين أفراد المجتمع ليتكاتف الجميع فى الإقلال من التلوث ومحاصرته ووضع الحلول المناسبة له.
لذا، يجب ان يكون الغذاء سليما ولا يكون مصدرا لشقاء الإنسان ومرضه ولتحقيق ذلك يجب توافر أجهزة حكومية وغير حكومية لمراقبة وضمان سلامته ووفرته كما ونوعا وحسن إدارته فإذا توفر الغذاء ولم تحسن إدارته فهناك مشكلة وإذا توفر الغذاء وكان غير جيد فى تركيبه أو غير متوازن فى مكوناته فهناك مشكلة وإذا كان الكم والنوع والمكونات مناسبة ولا تتم إدارة الغذاء إدارة سليمة فلا توجد سلامة فى الغذاء.
درجات التلوث :
نظرا لأهمية التلوث وشموليته - يمكن تقسيم التلوث إلى ثلاث درجات متميزة هي:
1- التلوث المقبول:
لا يكون مصحوبا بأية أخطار أو مشاكل بيئية رئيسية ولا تكاد تخلو منطقة فى العالمة من هذه الدرجة من التلوث، حيث لا توجد بيئة خالية تماما من التلوث نظرا لسهولة نقل التلوث من مكان لاخر سواء كان ذلك بواسطة العوامل المناخية أو البشرية
2- التلوث الخطر :
تعاني كثير من الدول الصناعية من التلوث الخطر والناتج بالدرجة الأولى من النشاط الصناعي وتتطلب هذه المرحلة إجراءات سريعة للحد من التأثيرات السلبية على الانسان
3- التلوث المدمر :
يمثل التلوث المدمر المرحلة التي ينهار فيها النظام البيئى ويحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة اتزانه بواسطة تدخل العنصر البشري وبتكلفة اقتصادية باهظة مثل حادث تشرنوبل بالاتحاد السوفيتي
التلوث البيئى لا يتواجد فى منطقة دون أخرى من العالم حيث تنتقل الملوثات من مكان لأخر والتلوث البيئى من العلوم الحديثة المتشعبة وذات التخصصات العديدة والتى تشتمل على العديد من مصادر التلوث، حيث يعتبر التلوث من أهم مشاكل العصر وتشغل كل دول العالم سواء المتقدمة منها أو النامية حيث انها ترتبط ارتباطا وثيقا باقتصاديات هذه الدول وتتسارع جميع الدول فى البحث عن أحدث الطرق والوسائل الحديثة للوقاية من هذا التلوث
لذلك يجب الاهتمام بالوعى البيئى القائم على المعرفة وحسن استغلال الموارد الطبيعية واقتراح أنسب الطرق لمواجهتها من حيث أهميتها للإنسان وخطورة استخدامها وإهدارها وضرورة الحفاظ عليها وترشيد استخدامها ومواجهة المشاكل البيئية الناتجة منها
لذا، سيظل موضوع البيئة وتلوثها والأخطار الناجمة على الإنسان والحيوان من اهم الموضوعات الرئيسية التي سوف تشغل العالم في القرن الواحد والعشرين، ولقد صدق من قال) : بدأ الإنسان حياته على الأرض وهو يحاول أن يحمى نفسه من عوامل الطبيعة وانتهى به الأمر بعد الآف السنين وهو يحاول أن يحمى الطبيعة من نفسه)

د/ رضا ابراهيم عبد الجليل

« return.