by رداد السلامي
Published on: Jun 27, 2009
Topic:
Type: Opinions

لدى صانع القرار إشكالية عميقة ، لازمته ربما منذ صغره ، أو تكوينا نفسيا جبل عليه ، فما أن يكون على مسار نظري صحيح يتحدث عنه في خطاباته ، حتى يقفز إلى مربع آخر سلبي، في استحضار عميق يجسد مدى تأثير تلك السيكولوجية على قدرته والحد من وثباته الناهضة..

فالرجل بالرغم من أن له إيجابيات ما ، قادرة على جعله ينمو معرفيا حتى وإن تقادمت به الأيام ، يجد ذاته محاطا بلفيف من "سيكولوجيات" تستبطن هي الأخرى ذات سيكولوجيته ، لتكون بمثابة حافز لتثاقله ، حين تبدو قراراته وطنية ، أو تصب في مصلحة الوطن وتقدمه تنمويا وديمقراطيا وعلى كافة الأصعدة .

لو أن الرجل غادر مربع القديم ، أيا كان فكرا وسلوكا ، ونظرة ورؤية ، لا ستطاع أن يحقق الحد المطلوب مما وعد به ، أو يردده في خطاباته فمكنه الناحية الخطابية تتجلى عظمة فارعة ، وسامقة ، من الانجازات النظرية ، التي يخجل "أوباما" ذاته على أن يعد بها شعب أميركا الحر .
إشكالية صانع القرار انه لا يستطيع أن يخلق لديه رغبة ذاتية في تخطي تكوينه "السيكولوجي" ، ولو قرر يوما بجدية فإن ما تيسر له من حكم، يمكن أن يحقق من خلاله نقلة نوعية في البلاد ، لعل الذاكرة تحتفظ له بمتحف أنيق فيها، وهي تكتب عن حقبة حكم دامت 30 عاما مجدبة من إنجاز ملموس ، يمكن أن يستفيد منه الشعب عمليا ، وليس نظريا.
يتهمك البعض هنا في اليمن ، بالحقد وأنت تكتب عن حقائق ما فيها ، وسلوك صناع القرار ، لكن الأمر ليس كذلك بقدر ما هو احتراق داخلي يأكل أعصابك، ويمتص دمك ، إحساسا بالوطن ، بل ألما وأنت ترى أن ميراث جيل برمته يدمر تماما، فالجيل القادم سيأتي على وطن مداميك أسسه مرتخية ، وبالتالي يجد ذاته أمام وضع لا يؤهله لأن يواصل مشوار ما ناهض ، بل لا بداية صحيحة يمكن ان يمضي على خطاها ، الميراث الذي سيلتقطه مع الأسف هو هذا العفن من الفساد والاستبداد ، والتخلف ، وعلى خطى من ساروا سيمضي .
آباؤنا ،وأولهم الرئيس صالح ، لا يفكرون البتة بمستقبلنا .. كمجموع ..كجيل ..كوطن ، وما يجب أن يكون عليه وضعنا مستقبلا ، هم فقط يفكرون في أوضاعهم الخاصة ، ووضع أسرهم ، هذا تفكير أناني مدمر ، التمحور حول الذات يجعلك تتخطى ممكنات النهوض لتؤسس وجودك ولو على أسس غير صحيحة ، وما بني على أسس غير صحيحة ينهار ، ولا يؤهل لأن تبنى عليه أسس التقدم والنهوض، ولن يكون ميراثا إيجابيا.
أنا هنا كيمني، ومن الجيل الجديد أتحدث ، وفي أعماقي ما يشبه الاحتراق ، صدقوني لو أردت أن أبحث لي عن وجود لوجدته ، لكن وجودي أراه من هنا ، من خلال هذا الوخز الذي ربما سيحيي من كان له قلب ، نحن جيل يجب أن لا نسمح للسادرين بضياع مستقبلنا ، جيل يريد أن لا يرتد إلى نحر بعضه ، لأنه ورث التناحر عنكم

« return.