by Adham Tobail
Published on: Apr 25, 2009
Topic:
Type: Opinions

المخيمات الصيفية انطلاقة بلا عنف
بقلم : ادهم عدنان طبيل
لا يمكن إخفاء بشاعة الظلم والاضطهاد من أمام ناظري الطفل الفلسطيني، يحاول أباء وأمهات فلسطين بكل إمكاناتهم تربية أطفالهم في بيئة طبيعية، لكن هذا ضرب من المستحيل المستحيل أمام قدرة إسرائيل الأقوى و الأشد على أن تؤثر على كل مناح الحياة، علاوة على الظروف الاجتماعية والسياسية الذي خلقها الانقسام السياسي والتي زادت من معاناة أطفالنا واكسبهم الحقد والكره والعدوانية بدل قيم الحب والعطف والحنان والمشاركة والحرية.
في الظروف الراهنة التي يتعرض فيها شعبنا ومجتمعنا بكافة فئاته لانتهاكات قمعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي والتي بدورها أدت إلى زيادة الخبرات الصادمة والمؤلمة لدى الإنسان الفلسطيني نتاج الإغلاق الشامل والحصار والقصف والقتل وأعمال الترويع، هذا إضافه إلى تأثر قطاعات الخدمة الاجتماعية والثقافية التربوية جراء الأحداث الراهنة و الذي بدوره يفرض أهمية كبيرة للمخيمات الصيفية هذا العام والأعوام المقبلة للرد على احتياجات الأطفال النفسية والاجتماعية كون الأطفال والفتيان أكثر الفئات تضرراً
تعتبر المخيمات الصيفية احد الأدوات المهمة والناجحة في رفع معنويات الطفل وإشعاره بأنه موجود انه طفل له الحق أن يلعب، يستمتع ويلهو يتمتع بطفولته الذي فطره الله عليه، وفي ظل وجود أجواء تسمح للطفل باكتساب العديد من مهارات المشاركة والتعرف على قيم الديمقراطية والحرية وإبداء الرأي ، ومبادئ حقوق الإنسان أن المخيمات الصيفية يقصد منها التفريغ والدعم النفسي الذي يساعد الطفل على الانسجام في الواقع الفلسطيني الصعب، إضافة إلى قضاء الوقت بصورة إيجابية وأنشطة فعالة تسهم بصقل شخصية الطفل وتقويته، وتساعده على بناء ذاته بصورة مستقلة. و تقدم عدة أنشطة متنوعة، فمنها الثقافي والترفيهي والصحي والتربوي، وتعمق وتوثق صلة الطفل بوطنه،و تشهد المخيمات الصيفية إقبالا كبيرا وواسعاً ومشاركة قوية، وتعد المتنفس الوحيد لأطفال فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000
وفى نهاية كل عام دراسي تتضافر الجهود المختلفة من عدد من مؤسسات المجتمع المدني ووكالة الغوث الدولية لإقامة العديد من المخيمات الصيفية للأطفال في كل محافظات الوطن و يشكل الأطفال في فلسطين دون سن 18 عاما نحو 1.9 مليون طفل (42.5%) من المجتمع الفلسطيني على صعيد الأرقام، تفيد معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن نحو 16.3% من إجمالي عدد الشهداء هم من الأطفال (956 طفلا) منهم 417 طفلا سقطوا في العدوان الأخير على قطاع غزة.

.. لكن أسال هنا لماذا لا نترك الطفل يعيش طفولته بحرية دون أي قيود ودون وضعة في بوتقة أفكار سياسية لا تتناسب مع عمره ؟ سؤال للضمائر الحية ....
إن الهدف الحقيقي من هذه المخيمات أن يتعلم كيف يفكر كيف يبدع كيف يصنع، كيف يتعلم المشاركة والحوار وكيف يقنع الآخرين كيف يعبر عن ذاته بأساليب قد تشد أذهان الآخرين، وليس كما يقال ويحكي من قبل أطراف سياسية تهاجم القائمين على المخيمات الصيفية باعتبارها أن تعلم الأطفال ثقافة مغايرة لثقافتنا. إننا في القرن الواحد والعشرون ومثلنا مثل باقي العالم حتى لو كان الطفل يتعلم ثقافة مغايرة فأين المشكلة هنا مادامت هذه المخيمات تخفف من هموم ومشاكل أطفالنا وتساعده على الاندماج في المجتمع وتساعده أن يكون عضوا فاعلا ونشيط وله دور في المجتمع، فإذا كانت البندقية لم تحقق الهدف فالعقل والمنطق وتربية الطفل وإدماجه في المجتمع قد يقنع العالم والرأى العام بعدالة قضيتهم فالعلم يحارب الآن بالإعلام والتربية والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان والتربية والثقافة المدنية فنحن وبدون خجل فشلت كل برامجنا الاجتماعية السياسية والاقتصادية التي قادتها الأحزاب السياسية طوال السنوات الماضية والتي انعكست بواقعها على أطفالنا فأصبح العنف هو سمة أطفالنا والحوار والحرية فلا مجال لها، فالطفل في الأسرة والمدرسة والنادي والشارع هو متمرد وعنفواني ، فلماذ أبعدنا تعليم أطفالنا عن قيم السلام والحب والحنان ؟ ولماذا أخرجناه من طفولته؟ والبسنه ثوبا ليس توبة، أقول أنا جميع خيارتنا فشلت وخاصة التي تعتمد العنف وسيلة وحيدة لمهاجمة الآخرين، وبالتالي خسرنا كل شئ ، والتيارات الفلسطينية لا تبالي وما زالت مستمرة في برامجها الهدامة ولا استثني احد هنا. وهنا أتسال لماذا حملات التشويه التي تشن على المخيمات الصيفية التي تقيمها وكالة الغوث بدعوى ليس لها شي من الصحة.
لقد اتبتث التجربة أن هذه المخيمات الصيفية خير وسيلة لبناء طفل مبدع، قادر على التفكير، متزن، يرسم يجري يكتب يرقص يمثل يمارس كل هوايته سوء الفنية والرياضية والترفيهية
تجربة وكالة الغوث الدولية كانت ناجحة عندما استفاد الآلاف من الأطفال من المخيمات الصيفية التي أقامتها وكالة الغوث بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني،و لولا هذه المخيمات لوجدنا الأطفال اما يتسكعون في الشارع ويضعيون أوقاتهم اما يضطرون إلي الذهاب إلا سلالم السياسية ، وقصص النجاح كثيرة في هذه المخيمات، أعجبني صديق شاب يعمل خلال الصيف الماضي عندما كنت امشي برفقته في مدينة غزة وجلسنا في احد المطاعم وإذا بطفل يأتي إلينا ومعه بعض الحلوى يعتاش من ورائها فسأله صديقي لماذا تعملون وانتم في هذا العمر، والإجابة كانت في أعينهم فالمجتمع لم يترك لهم مجال لان يتمتعوا بطفولتهم،تحدث معه صديقي وقال له تعالي على وكالة الغوث علشان اسجللك عنا في المخيم الصيفي، ففرح الطفل والابتسامة على وجه وذهبت أنا وصديقي إلى بيت احد هؤلاء الأطفال وفعلا تم الزيارة واقتنع الأب أن يلتحق ابنه بالمخيم ، وفعلا وبواسطة هذا الطفل تم جمع عشرة أطفال من الذين يبيعون في الشوارع والتحقوا بالمخيم،بدل أن يرتموا في الشوارع ويأتونا بسلوكيات عنفوانية، فالعنف مثلا في مدارس وكالة الغوث تراجع بنسب جيدة عكس مدارس التابعة للحكومة، إضافة إلى تقدم المستوى الدراسي نوع ما للأطفال الدارسين في وكالة الغوث،
نحن لا نملك السلاح ولا القوة العسكرية ولكن من الممكن أن نملك العقل الذي يقنع الآخرين ويقنع العالم أننا شعب محب للسلام والديمقراطية والمشاركة. نريد أطفالا أسوياء غير ساخطين على أمتهم ومجتمعهم نريد أطفال أن يعيشوا طفولتهم بأمان بعيدأ عن المعركة السياسية التي حصدت الأخضر واليابس وانتشلت القيم والأخلاق والموروث الثقافي الذي كنا نتغزل به، فالطفل محطم يأس محبط من الظروف القائمة وكل يوم نسمع عن انتحار طفل هنا وهنا حتى باتت تشكل ظاهرة خطيرة في مجتمعنا، أوجعني وغرست في فلبي سكيناً عندما سمعت بقصة الطفل الذي يسكن في القرية البدوية والذي أقدم على شنق نفسه ووصل إلى مستشفي كمال عدوان جثة هامدة، فلماذ اقبل هذا الطفل وغيره من الأطفال على إعدام أنفسهم في مثل هذا العمر، أليس حالة الاغتراب والتشويه الفكري هي السبب ، أليس التنظيمات الفلسطينية وبأسها وتجارتها بشعبها هو الذي أوصلها بهذا الحال، ولم نسمع تعليق من سياسي واحد فلماذا تزداد ظاهرة الانتحار في غزة، ومن يتحمل المسؤولية؟ علي الساسة أن يتركوا أطفالنا أن يعيشوا بعيدا عنهم، وعن معتقداتهم وأفكارهم، نريد أطفال ينادون بحقهم في الحياة لا نريد أطفال يحملون مفاهيم خطأ، يكفي نحن الكبار ما راينه بأعيننا حصاد السنوات الماضية، لا نريد من الساسة أن يفرضوا على طفولتنا هموما وأعباء سابقة لزمانهم، اتركوهم يعيشوا يلبعوا يمرحوا يتمتعوا بطفولتهم كما أراد الله عز وجل .وهنا دعوة لأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني أن تعزز فكرة المخيمات الصيفية لنخرج أطفالنا من هذا الجو القاتل والمميت قبل أن نموت نحن بحسرتنا، وهنا أسجل شكري وتقدير بمدير عمليات وكالة الغوث جون كينج ومؤسسات المجتمع المدني التي بادرت بإقامة المخيمات الصيفية والتي لو عززناها في مجتمعنا، نستطيع أن نخرج أطفال أسوياء لديهم قدرة على مواجهة ظروفهم .


« return.