by رداد السلامي
Published on: Apr 6, 2009
Topic:
Type: Opinions

لعل عقدة الإخوان المسلمون هي أنهم ليسوا سياسيين بالقدر الذي يمكنهم من لعب أدوار هامة تستبعدهم من حالة الاستخدامات الدائمة كقدر لازمهم ، وفخ يستدرجهم للعب أدوار غير واعيين بها .

إشكالية الإخوان أنهم غير قادرين على استيعاب الفرق بين الثوابت الوطنية والدينية وبين النظم المستبدة ، بين الحفاظ على الأوطان وبين التمترس مع الأنظمة المستبدة التي هي جزء من أسباب احتلال الوطن العربي ، ومسامير جحا التي يأتي الاستعمار لتخليصنا منها كما يدعي كي نكون أحرارا.

في اليمن مثلا لم يكن الإخوان المسلمون قادرين على استيعاب أهمية وجود توازنات واعية ، ولم يكونوا مدركين لخطورة تنظيف الحياة الوطنية من قوى التوازن التي تلعب دورا ايجابيا يصب في مصلحة الوطن ،إذا انهم شاركوا عام 94م في ضرب تلك القوة ، ولم يستطيعوا في ذات الوقت أن يتحولوا إلى قوة توازن حقيقية ، فمنذ السبعينات وحتى أوائل التسعينات لم يكونوا إلا أدوات استخدام بيد النظام ، سواء طوعا أو كرها ، وكثيرا ما كانوا مستغفلين وغافلين عن ما يخطط له النظام الحاكم ممثلا برئيسه علي عبد الله صالح الذي أجاد ضبط إيقاعهم وحركتهم بما يمكنه من تحقيق أهدافه وإحكام سيطرته ، وإشكالية الإخوان المسلمون دائما تكمن في عاطفتهم الدينية الزائدة ولن أقول المتطرفة ، أي أنهم يدركون الأمور بسطحية تنم عن سذاجة واضحة وغباء غير مدرك لسياسات النظم التي يرزحون تحت وطأة استخدامها ، ولو أنهم أجادوا فعل التوازن وفن السياسة لكانوا اليوم هم من يتربعون الحكم ويديرون البلاد ، لم يستفيدوا من تجارب الحركات الإسلامية الناجحة ، وكثيرا ما تغشا حركتهم التكتيكات الآنية والرؤى المنفعلة ، ويغفلون الجانب العلمي والسلوك الاستراتيجي في جل ما يفعلونه أو يقولونه .



لعلهم بدءوا يفيقون من سباتهم ، وفي اليمن وحدها زلة الرئيس من أيقظتهم من سبات طويل حين قال ذات مقابلة على قناة الجزيرة إبان الانتخابات الرئاسية عام 2006م أنهم كانوا كروت إحراق ليس إلا ، بعدها أدرك الإخوان كارثية ما كانوا عليه وغباء ما كانوا يراهنون على انه يوما سيكون كما يجب لا كما تزجيه إرادته المستبدة وانانيته المدمرة .

إبان اشتداد الحراك جنوب الوطن كاد الإخوان المسلمون أن يتحولوا إلى كرت خطابي تحريضي ضد نضالات الناس الذين أخرجهم ظلم نظامه حين قال أمين عام التجمع اليمني للإصلاح في محاضرة :" نموت جوعا مع الوحدة " ولوح بلغة قريبة الى التهديد المستبطن ليقرا الكثير خطابه ذلك بأنه تلويح بالحرب ضد نضالات الناس هناك، وكنت أخشى كأحد اليمنيين وعضو في الإصلاح أن تتكرر مأساة 94م بغباء لا يدركونه ، لقد كان صالح ذاته يطمح لذلك..!!



في الأردن مثلا بدأ النظام يستوعب خطورة الإخوان كقوة شعبية وحيدة ، بعد ان فشلت السلطات الأردنية من كبح امتدادهم الشعبي واحتلاهم مواقع قوية لدى الجماهير وفرخت وأنتجت كافة وسائل التحجيم لهم ومنها نظام الصوت الانتخابي الواحد ، وبدلا من أن يعمل الإخوان بصمت دون اللجوء إلى استعراضات تلفت قوتهم وحجمهم هناك راحوا يناصرون غزة بمهرجانات استعراضية ليوضعوا ربما في مجهر السلطات الأردنية وقوى الهيمنة العالمية الداعمة لليهود ، ومن يدري فقد تحاك خطط المكر ضدهم ، لايجيد الإخوان أحيانا فعل الكمون الذكي والدعم اللااستعراضي للقضايا العربية ، يأبون إلا أن يظهروا ذواتهم بأنهم القوة الوحيدة التي تدعم القضايا ، لا يجيدون غالبا فن الفعل السياسي الذكي مع القوى المتحركة وربما يثيرون هذه القوى بإغفالهم لها لتستخدمها النظم استخداما ذكيا ضدهم .

تعالوا لنرى إخوان سوريا كقوة معارضة كيف أنهم بدءوا يفقدون قوتهم للتحالف مع النظام -وإن كنا نحترم نظام سوريا - فقد أقدموا على الانسحاب من جبهة الخلاص المعارضة وقرروا دعم النظام السوري لأنهم رأوا أن سوريا ومعها مشروع المقاومة تتعرض للتهديد وكان من الوطنية بالنسبة لهم الوقوف الى جانب النظام لدرء الخطر ، لكن النظام حد تعبير الكاتب على الصراف لم يعيرهم أدنى اهتمام ولم يرد على وطنيتهم بوطنية مماثلة ليبقى ما فعلوه معه حب من طرف واحد –حد تعبيره – فيما علقوا حسب بيان صدر عنهم كل انشطة المعارضة لدعم المقاومة توفيرا للجهد في معركتهم الأساسية ومواجهة العدوان ، مكتفين بدعوة النظام إلى المبادرة بالتصالح مع شعبه وإزالة كل العوائق التي تحول دون قيام سوريا بدورها المطلوب للدفاع عن مكانتها وتحرير أراضيها ،ودعم صمود الأشقاء في فلسطين .

ويتساءل الكاتب علي الصراف ولكن النظام – انسجاما مع شعار الممانعة ودعم المقاومة- لم يبادر "الى المصالحة الوطنية مع شعبه".وأضاف أي مشروع للمقاومة يريد الأخوان أن يضعوا كل إمكانياتهم في خدمته؟ وأي مشروع للمقاومة يريدون أن يعلقوا أنشطتهم المعارضة من أجله؟

سوريا تنخرط عمليا في مشروع للمفاوضات، لا مشروع للمقاومة.

وحليفتها إيران تنخرط في مشروع لتقاسم الحصص مع الاحتلال الأميركي في العراق، لا مشروع للمقاومة ضده.ويؤكد قائلا "ويبدو التحالف السوري الإيراني طائفيا أكثر منه إسلاميا. وهذا يعني انه لا مكان لـ"مقاومة سنية" في قاموس هذا التحالف. وهو ما لا يُبقي مكانا للإخوان لا في "مشروع المقاومة" (إن وجد) ولا في سوريا نفسها ،وبمقدار ما يتعلق الأمر بمقاومة الغزاة الأميركيين وحلفائهم الإسرائيليين في المنطقة، فقد أثبتت طهران أنها حليف لواشنطن، بينما تجعجع على حلفائهم الإسرائيليين"

واختتم بالقول "الكل يعرف أن فرق الموت الإيرانية والحرس الثوري الإيراني والمليشيات الطائفية التابعة لها عملت قتلا وتنكيلا بالمقاومة العراقية للاحتلال حتى لم يبق هناك مجال للشك في أن إيران تقف الى جانب الغزاة، لا الى جانب المقاومة. وهي تدعم المشروع الطائفي في المنطقة لأنها المستفيد الرئيسي منه، ولان هذا المشروع قدم لها العراق على طبق من ذهب، وحسب هذا المشروع فان السنة يكونون مقبولين فقط إذا عملوا لصالح مشروع الاحتلال، مثل تجمعات "الصحوة"، ولكنهم يُذبحون إذا تبنوا أي خيارات للمقاومة.

ويبدو أن إخوان سوريا طيبو القلب جدا. فهم يضحون بالمعارضة من اجل المقاومة. ولكنهم لن يجدوا مقاومة، ولن يُسمح لهم بمقاومة. وإذا فعلوا فان ذبحهم سيصبح حلالا، ليس من جانب الغزاة والإمبرياليين والصهاينة، وإنما من جانب"جبهة الممانعة والمقاومة"، أمريكا خطيرة وقد بدأت تعترف بما يسمى بالإسلام الراديكالي كواقع لابد من التعايش لقد بدأت كما يبدو تدرك أن الإرهاب الذي أوجدته ممثلا بتظيم القاعدة يفقد زخمه في تمتين هيمنتها وتكريس إرهابها وابتزازها للأنظمة والشعوب العربية ومن يقرأ مقال الصحفي فريد زكريا في مجلة النيوز وييك سيجد ما يؤكد ذلك ،ومن سمع أوباما حين تحدث أثناء زيارته لتركيا الاثنين الفائت عن الإسلام بلغة لطيفة تختلف عن لغة" بوش" سيدرك الى أي مدى تستخدم عقائدنا ككرت وإلى أي مدى صنعت أمريكا أبناء الأمة العربية والإسلامية كقنابل إرهابية تبرر احتلالها وتكرس هيمنتها وابتزازها للأنظمة العربية ، فهل يستطيع أن يكون الإخوان المسلمون أذكياء بما كفي لأن يكونوا فاعلين لا مجرد أدوات، وأذكياء، لا مستغفلين وداعمين للمقاومة ومعارضين للأنظمة في آن ..؟؟ لسنا ندري..!!!

-------------------------

*صحافي يمني



« return.