نتيجة الانقلاب العسكري الذي نقدته حركة حماس فى 6-2007 في قطاع غزة ، وما ترتب على ذلك من حالة الفوضى والفلتان الامنى، وما تبعه بعد ذلك من حصار وإغلاق المعابر والحدود بين قطاع غزة والعالم ،أصبح واقع الشباب مجهول لا يعرف أين يتجه مصيره وحياته ولا يعرف ماذا يعمل؟ وماذا يفكر؟ خاصة بعد انعدام فرص العمل وتدهور السوق الفلسطيني وارتفاع الأسعار .
وبين نار الحصار الظالم والانقسام الداخلي والرغبة بالخروج من هذا النفق المخيف الذي يتضح استمراره وتعقيده يوم بعد يوم ، تظهر معاناة الشباب الفلسطيني وخاصة خريجين الجامعات كشريحة رئيسية في المجتمع الغزي خاصاً والفلسطيني بشكل عام، الذي يبحث عن مستقبله بالعمل ولو كان ذلك بالهجرة إلى العالم الأخر، وهو حل يراه كثير من الشباب ناجحاً لإنهاء أزمتهم ومعانتهم.
قطاع غزة قطعة صغيرة من العالم لا تتجاوز مساحتها سوى 8 كيلو متر عرض في 45 كيلو متر طول، إسرائيل تتحكم بكل منافذها، يوجد بغزة 5 جامعات وعشرات المعاهد ذات التعليم المتوسط ، الإحصائيات الأخيرة تتحدث عن وجود 50 ألف خريج جامعي من تخصصات مختلفة اغلب الخريجين هم من اللاجئين الفلسطينيين الذين يقطنون المخيمات الفلسطينية في غزة والذي لا يوجد له عمل سوى الوظيفة الحكومية أو العمل في وكالة الغوث ، الأوضاع ازدادت تعقيد بعد انقلاب حماس وما تبعه بعد ذلك من تأثيرات على الشباب على كافة المستويات خاصة الاقتصادية في ظل البطالة والفقر و قلة فرص العمل، وارتفاع الأسعار ونتيجة هذه الأوضاع بدأت القصص الحزينة للطلبة الخريجين في عزة .
وعلى الرغم من التخطيط المسبق والدراسة والحسابات التي أعدها الكثير من الشباب لمشاريعهم كخطوة لا غنى عنها في نجاح مشاريعهم إلا أن الحصار كان أكبر من أي حسبان أو تخطيط وتسبب في تدمير عشرات من هذه المشاريع.
ادخل الأسواق في غزة واشترى بضعة من السوق فتجد إن الذي يبيع داخل هذه الأسواق هم خريجين جامعيين فمنهم من يعمل في الملابس ومنهم من يعمل في بيع الخضرة والفواكه ووصل الحد أن الكثير منهم يبع الدخان والمعسل .
امشي في الشارع تجد مجموعة من الشباب جالسين أمام بيوتهم وأمامهم الارجيلة يدخنون لعل يجد متنفس أو ما يخفف عن معاناتهم، إذا سألت الذي يبيع يقول لك ان خريج كلية هندسة وأنا خريج كلية الإعلام وأنا خريج كلية التجارة وأنا وأنا وأنا اشترى منه تجد متفائلا كثير جادله في السعر يقول لك والله ما بربح شئ وينقلب وجه عبساً وسخطاً وتشائماً .
اركب في سيارة أجرة وأعطى السائق الأجرة وتجد في وجهه الحزن واليأس يسألني ماذا تعمل وانا ارتدى ثياب ممتاز وعلى كتفي شنطة ومجوعة كتب بعدها يقول لك أنا مثلك خريج منذ ثلاث سنوات ضاقت بى الحياة عملت اجيراً على سيارة أجرة . يقول :
"أحاول أن أعمل حتى فى أدنى الأشياء التي تتعلق بعملي وتخصصي أما الحديث عن مشاريع فهذا لا وجود له في قاموسي في هذا الوضع.
أضف إلى ان استمرار الحصار والإغلاق اظهر عادات وسلوكيات جديدة خاصة فيما يتعلق بالبقاء في البيت على الانترنت طوال ساعات اليوم والنهار واغلبهم يحاولون تنزيل وتحميل أفلام من الانترنت بسب وقت الفراغ الهائل .
ونتيجة الحصار المفروض علي غزة وما نتج عنه من ارتفاع الأسعار، وشُح الموارد خلقا حالة من العزوف الاضطراري عن الزواج لدي الشباب الذين باتوا غير قادرين علي توفير أدني مقومات الحياة الزوجية مثل غرفة النوم. وفي ظل تلك الأزمة الخانقة تنازلت العديد من العائلات والأسر عن حق بناتهم في المهر، أو مطالبة العريس بضرورة توفير غرفة نوم، مكتفين بتزويج بناتهم من شبان يستطيعون في اقل تقدير توفير لقمة العيش.