by Fady
Published on: Sep 21, 2008
Topic:
Type: Opinions

ما أصل كلمة بيداغوجيا؟
اتفق على أن البيداغوجيا مصطلح تربوي أصله يوناني، ويعني لغوياً العبد الذي كان يرافق الأطفال إلى المدرسة.
وفي الآونة الأخيرة كثر الحديث عن البيداغوجيا وأهميتها فودوركايم يراها النظرية العملية في التربية، وديوي يؤكد على أنها ترقى لدرجة العلم ويتفق معه في ذلك كرشنشتاينر. لكن رونيه أوبير الفرنسي له رأي آخر يتلخص في أن التربية نفسها موضوع البيداغوجيا والتي تضع المبادئ وتحدد الأهداف وتنتقل إلى التطبيقات التي هي موضوع مختلف الصناعات التربوية.

وكلمة بيداغوجيا:
لها معنيان، يدل في المقام الأول على حالة كون الشخص رجل تربية، مكتسب المهارة لفن التربية والتعليم.
أما المقام الثاني فتدل على نظرية هذا الفن، و البيداغوجيا كفن وكنظرية لا يمكن الاستغناء عنها في مجال التربية.
ويمكن تقسيم النظريات البيداغوجية إلى ثلاثة تيارات:
- التيار الكلاسيكي (التقليدية)
- التيار المجدد الذي ينطلق من الطفل بتجاربه ورغباته الخاصة، ويدعو إلى ملائمة ما نعلم مع مستوى المتعلمين.
- التيار الوظيفي أو التقني الذي ينزع إلى أن يجعل من البيداغوجيا علما مضبوطا، أو تقنية فعالة ومضمونة.
و البيداغوجيا ترتبط بطريقة علمية بالسياسة(المقصود السياسة المجتمعية للدولة).
إن عمر إستراتيجيات البيداغوجيا الجديدة اليوم يزيد عن القرن، و لكنه عمر قصير مقارنة مع البيداغوجيا التقليدية التي عمرت لمدة قرون.
يكشف التأمل في تاريخ نشأة البيداغوجيا الجديدة أنها ارتبطت من حيث الظهور بنجاحها في تربية أو إعادة تربية متعلمين ذوي الحاجات الخاصة يعانون من إعاقات، متعلمون كانوا يوصفون في المقاربة التقليدية بأنهم فاشلون دراسيا أو مهددون بالفشل و الانقطاع عن متابعة التعلم و الدراسة.
كان كل رائد من رواد إستراتيجيات البيداغوجيا الجديدة في بدايته يهدف إلى علاج إخفاق المقاربة التقليدية في تعليم التلاميذ الذين يوصفون اليوم بأنهم متعثرون أو ذوو صعوبات.فكان أن ابتدع كل رائد منهم مقاربة أبانت عن نجاحها في جعل هؤلاء المتعلمين يحققون تعلم لا يقل عما يحققه زملاؤهم الذين سلموا من هذه الإعاقات.
لقد كشفت تجارب رواد إستراتيجيات البيداغوجيا الجديدة الممارسين ميدانيا ، أن التعلم محكوم بالطبيعة البشرية للكائن المتعلم أكثر مما هو محكوم بالتنظيم المحكم و البناء المنطقي المعارف المقدمة محتويات للمواد الدراسية . و جاءت أبحاث الرواد النظار، من علماء النفس، خاصة لتعزيز ذلك. وقد تمكنت العلوم المعرفية اليوم من البرهنة على سلامة الأسس العلمية لأغلب تجارب و أبحاث أولئك الرواد ممارسين كانوا أو نظارا.
*"في نهاية الموضوع هناك تعريف عن الرواد الممارسون والمنظرون للتربية الجديدة."

- ما هي التربية الجديدة"النمائية :
هي تربية تتبع أسلوب علمي يعتمد على نظريات علم الاجتماع وعلم النفس وهي باختصار التربية الجديدة التي تعتمد على أسس تربوية علمية قائمة على احترام الفرد وان الطفل إنسان كامل الاعتبار وهو مركز العملية التربوية له احتياجات وحقوق علينا تلبيتها واحترامها.

وتعتمد بالأساس على المبادئ التربوية التالية:-

- اللاعنف: بكل ما يشمله من عنف معنوي وجسدي.
- الحرية المسئولة: كل إنسان حر لكن مسئول عن تصرفاته.
- حرية الاختيار: إذا اخترت وأنت صغير يمكنك أن تقرر وتختار وأنت بالغ دون صعوبات.
- التعلم النشط و المشاركة: استخدام الحواس الخمس هي أفضل الطرق للتعلم (أسمع فأنسى، أرى فأتذكر، أشارك فافهم) إذا شاركت تطورت، إضافة إلى قيم التعاون والاحترام والحوار على قاعدة التفاهم البناء... الخ
إن العلاقة ما بين التربية الجديدة و الممارسات الحياتية هي علاقة تبادلية تكاملية، حيث أننا نجد أن مفاهيم ومبادئ وأساليب التربية الجديدة والممارسات تدعمان بعضهما البعض وتطوران بعضهما البعض.

التربية الجديدة (النمائية) تنادي بـ:
أولا: بكون الطفل إنسان كامل الاعتبار يجتاز مرحلة أساسية من مراحل النمو وبأنه يمتلك قدرات مخزونة لتطوير ذاته ولذا يجب على المربي الراشد/المنشط أن يعمل لتمكينه من تطوير هذه القدرات عبر توفير جو من الأمن العاطفي والمادي وتمكينه من ممارسة التجريب لاكتشاف قدراته وذاته ومكونات محيطه من خلال التعبير والترويح، وتعتبر التربية الجديدة خصائص النمو والتعلم عند الأطفال من أولى ركائزها باعتبار أن الطفل هو محور العمل التربوي وبطله.

وثانيا: بأن التربية تتم في كل زمان ومكان، وان بإمكان الطفل ممارسة دور فاعل فيها سواء على صعيد تربيته الذاتية أو على صعيد عملية تربية شاملة تخص المجتمع المحيط به، ولذا يجب توفير جميع الإمكانات لجعله قادرا على ممارسة فعل يخدم هذا الاتجاه ومنها العمل على تمكين الطفل من المشاركة في دفع المجتمع والتأثير على البيئة المحيطة عبر قضايا ذات اهتمام مشترك ومنها: البيئة والصحة ...الخ، والتربية و الممارسات الحياتية تحدث في كل زمان ومكان ويكون الدور الرئيسي فيها للأطفال بحيث يوفر لهم البالغين كافة الإمكانيات من أجل ممارسة دور فاعل على صعيد تطوير ذاتهم ومجتمعهم ومناقشة قضايا متعددة ذات اهتمام مشترك.

وثالثا: بان العلاقات الإنسانية يجب أن تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والثقة والمسئولية واللاعنف ولذا فعلى العاملين مع الأطفال توفير جو من الأمن والطمأنينة لهم واستخدام أساليب الحوار وبناء الثقة المتبادلة معهم، وتقوم التربية الجديدة على ذلك من خلال استخدام أساليب التعلم النشط وجعل عملية التعلم متعة.

ورابعا: بان التربية يجب أن تخدم أهدافا تتعلق بتنمية شخصية الفرد وتكوينه ليكون عضوا فاعلا في مجتمع يقوم على احترام الحقوق والحريات الأساسية ولذا فان نظام العمل مع الأطفال يجب أن يكفل ممارسة هذه الحقوق والحريات من خلال تشجيعهم على التعبير والعمل المشترك في جو من الحرية والمسئولية، وتعمل عليه التربية الجديدة من خلال تطوير قدرات الأطفال وإكسابهم مهارات عديدة، كذلك توعيتهم بحقوقهم.


التربية الجديدة ومهارات الحياة:


إن التربية النمائية الجديدة بمبادئها الأساسية هي تعبير واضح عن الدعوة لتمكين الأطفال من امتلاك مهارات الحياة من حيث التأكيد على توفير أجواء تربوية فاعلة آمنة تمكن الأطفال من التعبير عن آرائهم والحرية في الحصول على المعلومات، وتمكينهم من اتخاذ القرار الصائب والصحيح وتحمل مسئوليته والمشاركة بفاعلية في إدارة حياتهم الصحية بشكل سليم، ولعب دور في تمكين الآخرين من أقرانهم والكبار من المساهمة في بناء والمحافظة على بيئة صحية سليمة تساهم في بقاء الطفل ونموه، وإقامة علاقات صحية سليمة، والتواصل وإقامة علاقات مع الآخرين على أساس من مبادئ الاحترام المتبادل والثقة والمسئولية واللاعنف.

المبادئ التربوية التي رسخها علم النفس التربوي

وللتأكيد على ارتباط علم النفس بالأساليب التربوية هناك عدة مبادئ أساسية من مبادئ لتربية الجديدة أكدتها الدراسات والأبحاث نتناول منها:

1- مبدأ الحرية:
تحولت التربية الحرة إلى دستور تربوي يتميز بطابع الشمول والأصالة حيث تتميز بصيغ عدة أهمها الحرية النفسية والحرية الجسدية والعقلية للطفل.
- الحرية النفسية:
أن لا يكره الطفل على تبني مواقف واتجاهات انفعالية سلبية مثل مشاعر الحقد والكراهية وان يترك للطفل حرية التكون السيكولوجي.
- الحرية العقلية:
عدم شحن ذهن الطفل فيما لا يرغب فيه.. أن يفكر فيما ليس من شانه.. وأن يكره على معتقدات وقيم خارجة عن إرادته واهتماماته الطفوليه.
- الحرية الجسدية:
تتمثل بترك حرية الطفل وخاصة في مراحل حياته الأولى من حيث اللعب والحركة والانطلاق دون قيود أو حدود تعيق عملية نموه وازدهاره.


2- مبدأ الحب:

من أهم الحاجات الانفعالية التي يجب إشباعها عند الأطفال هي الحب فعند حرمان الطفل من إشباع هذه الحاجة يفقد عنصر تكامله النفسي والإنساني لاسيما في المراحل الأولى من حياته.


3- مبدأ التجربة الذاتية للطفل:

أن أساس التربية الجديدة هي التجربة الذاتية و الاكتشاف والتجريب التي تؤكد أهمية النمو الذاتي الحر للطفل.وعلى هذا الأساس تهدف التربية إلى دفع الأطفال إلى دائرة الاعتماد على الإمكانيات الذاتية الخاصة بهم.


4- مبدأ الحوار:

هو العملية التي ينتقل بها العقل الإنساني من حالاته الساكنة إلى حالاته النشطة فاللغة لا تنمو إلا من خلال الحوار النشط وأن الأطفال الذين لا تتاح لهم هذه الفرصة يعانون من اخصاء ذهني ومن ضمور شديد لإمكانياتهم العقلية والنفسية والوجدانية.

6- مبدأ المسئولية:

يعد هذا المبدأ وثيق الصلة بمبدأ الحرية فالحرية هي الفضاء الذي يتحرك فيه الإنسان وجدانيا ونفسيا وانفعاليا ومن هنا فإن مبدأ المسئولية يشير إلى النتائج التي تترتب على الحركات الرشيقة للحرية وتحمل الفرد نتائج أفعاله.

7- مبدأ الاستقلال:

يعرف تعويد الطفل الاعتماد على نفسه في حل مشكلاته وفي قضاء حاجاته وذلك بالقدر الذي تسمح له قدراته القيام به بالتربية الاستقلالية التي ترتكز عليها التربية الجديدة.
والتربية الاستقلالية على نقيض من التربية الاتكالية وبذلك ينشأ ضعيف الشخصية كثير التبرم بالحياة متشائما.


تعريف بالرواد المنظرين والممارسون للتربية الجديدة:-
أ- الرواد الممارسون:
- ماريا مونتسوري (1870-1952):
طبيبة إيطالية، نجحت في إعادة تربية أطفال معاقون ذهنيا، كان يعتقد أنه ميؤوس من تعلمهم ، و ذلك بحملهم على إشراك كل أعضائهم الحسية بفعالية . و قد استعانت بطريقتها هذه لتعليم أطفال سليمين فكانت النتائج باهرة. ألب صناع الألعاب التربوية اليوم يستلهمون طريقة مونتسوري و مبادئها البيداغوجية التي أسستها انطلاقا من تجربتها الميدانية .

- جون ديوي (1859-1952):
فيلسوف و عالم نفس أمريكي أسس مدرسة تقوم على التعلم من خلال العمل ، فكان ذلك إعلانا لولادة بيداغوجيا المشروع ، القائمة على أن التعلم يتحقق خلال الممارسة و العمل .
- إدوارد كلاباريد (1873- 1940):
طبيب سويسري، من أتباع ديوي و دكرولي سار على مبدأ مفاده أن الطريقة البيداغوجية يجب أن يكون منطلقها هو اهتمامات المتعلمين ، فكان أن جعل من اللعب البيداغوجي مركز طريقته التربوية.
- أوفيد دوكرولي (1871-1932): طبيب بلجيكي سار على خطى مونتسوري ففتح مدرسة للأطفال المتأخرين عقليا جاعلا من أنشطة المتعلمين أنفسهم محور طريقته .ثم فتح بعد ذلك مدرسة لأطفال عاديين ، فكانت النتائج رائعة .

- سيليستان فرينيه (1896- 1966):
مرب فرنسي ابتدع حركة ما يعرف بالمدرسة الحديثة ، و هي حركة تتميز باعتمادها على المقاربة التعاونية حيث يتعلم المتعلم و هو ينجز أعمالا وفق إيقاع خاص به
ب- الرواد المنظرون :
- جان بياجي (1896-1980):
عالم أحياء و عالم نفس سويسري معروف بأبحاثه العلمية مؤسس ما يعرف بالبنائية. يرى بياجي أن نقل المعارف من شخص يعلم إلى شخص لا يعلم أسطورة لا تقوم على أساس علمي.
قادته تجاربه الميدانية وأبحاثه إلى قناعة مؤداها أن المعرفة بناء أي أن كل واحد منا يبني معرفته أساسا بواسطة ما يمارسه من أفعال جسدية و ذهنية أثناء معالجته للموضوعات والأشياء. تتحقق عملية البناء هذه في الوقت الذي يصل فيه الفرد إلى مستوى من النضج الجسدي والسيكولوجي الذي يمكنه من ممارسة فعله على الموضوعات والأشياء والتحكم في ما يجمعه بهذه الموضوعات و الأشياء من علاقات.
كل معرفة في تصور بياجي هي فعل يمارس على موضوع : بحيث لا تكون النتيجة هي المعرفة الحاصلة عن ممارسة الفعل على موضوع معين فحسب، وإنما تنتج عن ذلك سلسلة من رواشم (وصلات) هذا الفعل تنطبع في الدماغ، رواشم الفعل هذه تنتظم في بنيات عملية تمكن صاحبها من التصرف بإحكام وفق متطلبات الوضعية التي تواجهه. تنطلق منهجية ( صيرورة) التعلم، في هذا المنظور، كلما كان المرء إزاء مشكل أو أحس بانتفاء الملائمة والتوافق عن وضعية يجد نفسه منخرطا فيها أو مواجها لها.
- يكون المرء طفلا أو راشدا في وضعية تعلم في كل مرة يكون فيها فعله غير مناسب ولا ملائم أو موافق لمحيطه، وحين تتولد لديه الرغبة والعزم على رد الأمور إلى حالها الطبيعي من توافق ومناسبة وملائمة.
- ليف سومينوفيتش فيكوتسكي (1896-1934): من علماء السيميولوجيا وعالم نفس روسي، من بين السباقين إلى التأكيد على أهمية التفاعل بين الطفل وبيئته. وكان يلح بكيفية أساسية على أهمية تدخل الراشد كوسيط في تعلم الطفل ونموه. يكون تدخل الراشد في تصور فيكوتسكي إيجابيا إذا كانت قادرا على احترام الإيقاع الخاص بالمتعلم، وإذا كان قادرا على رصد اللحظة التي تكون فيها قدرة من قدرات المتعلم قد اكتمل نموها، لتقديم أنشطة تمكن هذا المتعلم من تنمية قدرة جديدة. يسمي فيكوتسكي هذه اللحظة أو( المنطقة ) بحيز النمو الموالي.
المراجع:
1. وارزامــن ،جامع بحث "الاستراتيجيات البيداغوجية الجديدة" النشأة التاريخية، الأسس النظرية، والمبادئ التطبيقية 2005.
2. أوراق تربوية – أنيس قنديل، فادي االسلفيتي، بهاء الشطلي- معهد كنعان التربوي النمائي.
فادي السلفيتي مسئول برامج تدريب بمعهد كنعان التربوي النمائي.و المستشار التربوية لمؤسسة الأطفال،التربية واللعب.



« return.