by Fady
Published on: Jun 28, 2008
Topic:
Type: Opinions

الذكاء والعقل واليات التفكير تأتي في أولى اهتمامات العلماء والأبحاث دوما، ومن هذه الأبحاث والنظريات التي تتناول عقل الإنسان نظرية "الذكاوات المتعددة" أو "نظرية الذكاء المتعدد الأوجه"، فهي نظرية تسهل علينا فهم العقل و آليات التفكير و التصرف. حيث تشير التطورات الأخيرة في العلم المعرفي وعلم النفس النمائي وعلم الأعصاب، إلى أن مستوى الذكاء لدى كل شخص كما درس تقليديا مكون فعليا من ملكات مستقلة، تستطيع العمل فرديا أو مع ملكات أخرى. في البدء حدد "هاورد غاردنر" سبعا من تلك الملكات وصفها بالذكاوات، والآن هناك ثمانية جوانب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك إمكانية لبروز أو وجود ذكاوات أخرى، إذ أن الأبحاث في هذا الحقل لا تزال في أول عهدها، فمثلا هناك دراسات حول وجود وجه ذكاء تاسع هو الذكاء الوجودي العاطفي.
أما الجوانب الثمانية للذكاء كالتالي:
1. الذكاء الموسيقي Musical Intelligence
2. الذكاء المكاني Spatial Intelligence
3. الذكاء المنطقي- الرياضي Logical-Mathematical Intelligence
4. الذكاء الجسدي- الحركي Bodily- Kinesthetic Intelligence
5. الذكاء الداخلي Intrapersonal Intelligence
6. الذكاء اللغويLinguistic Intelligence
7. الذكاء المتعلق بالعلاقات بين الناس"الاجتماعي" Social Intelligence
8. الذكاء المتعلق - بالمذهب الطبيعي Nature Intelligence
هذه الجوانب الثمانية موجودة لدى كل إنسان لكن بدرجات متفاوتة، منها ما يتم تنميته ومنها ما يتم كبته أو طمسه، نتيجة الأسلوب التربوي المتبع من قبل الأهل أو المعلمين أو العاملين مع الأطفال.
وسنلقي نظرة مختصرة هنا على الجوانب المتعددة للذكاء :

v الذكاء الموسيقي:
فلكل فرد قدرة موسيقية مختلفة حتى أن بعض الأشخاص لا علاقة لهم بالموسيقى،وهذا الذكاء له علاقة بمعرفة نماذج الأنغام والأصوات والإيقاعات والضربات: كالإحساس بنوعية الأنغام، تأليف ألحان وإيقاعات،الحساسية حيال الأصوات،استخدام مخططات لسماع الموسيقى، فهم بنية الموسيقى .


v الذكاء الجسدي- الحركي:
يملك كل شخص سيطرة معينة على حركاته وتوازنه ورشاقته وكياسته. وفي حالة بعض الأفراد الاستثنائيين كالرياضيين، ظهرت القوة في الذكاء الجسدي-الحركي حتى قبل أن يبدؤوا بالتدرب رسميا.
وهذا الذكاء يرتبط بالحركة الجسدية وبحكمة الجسم، يستخدم القشرة الدماغية المحركة التي تتحكم بالحركة الجسدية و يتعلق بربط العقل بالجسم، يستخدم قدرات التقليد والمحاكاة، يحسن وظائف الجسم،يتحكم بالحركات التي تم تعلمها سابقا،يتحكم بالحركات الطوعية، يعزز وعي الجسم بأكمله.

v الذكاء المنطقي- الرياضي:
وهو يعتبر القدرة المعرفية الأكثر شيوعا من ناحية الفهم. فهذا الذكاء هو قدرتنا على معالجة مسائل ومعادلات منطقية معالجة ذهنية، لا يستلزم الذكاء المنطقي-الرياضي نطقا شفهيا، مثلا نستطيع حل مسألة معقدة في عقلنا ومن ثم نلفظها بصوت مسموع ما أن نحلها. كذلك يستطيع الأفراد الذين يتميزون بقدرات منطقية-رياضية كبيرة أن يعالجوا مسائل منطقية بسرعة فائقة.
ويتناول هذا الذكاء التفكير الاستقرائي والاستنتاجي، والأرقام والأشكال التجريدية ويدعى أحيانا التفكير العلمي. وهو يتعلق بمعرفة الأشكال التجريدية، إدراك العلاقات والصلات، القيام بحسابات معقدة، التفكير بشكل علمي.

v الذكاء اللغوي:
يملك كل الأشخاص في الحضارات القدرة على استخدام اللغة، و على مدى سنوات، أقر الباحثون بوجود صلة بين اللغة والدماغ. حيث ثبت أن تعرض جزء من الدماغ يُدعى منطقة "بروكا" يسبب فقدان المرء قدرته على التعبير عن نفسه بجمل نحوية واضحة، مع أن فهم ذلك الشخص للمفردات وبناء الجمل لا يتغير.
يتناول الذكاء اللغوي الكلمات واللغة، المكتوبة والمحكية على حد سواء، ويتعلق بتحليل استخدام اللغة الخاصة، التذكر، استخدام حس الفكاهة، الشرح والتعليم والتعلم، فهم بناء الجمل ومعنى الكلمات، إقناع أحدهم بالقيام بأمر ما.

v الذكاء المكاني:
عادة، تلاحظ قدرتنا على استخدام ذكائنا المكاني في فهمنا الأشكال والصور بأبعادها الثلاثة. وسواء حاولنا جمع أجزاء أحجية أو عمل منحوتة أو الإبحار من دون دليل سوى النجوم، فنحن نستخدم ذكائنا المكاني لندرك ونفسر ما قد نراه أو لا نراه مادياً.
فهو يعتمد على حاسة البصر والقدرة على التصور، يتضمن قدرة على توليد صور ذهنية ويشمل:إدراك الأشياء بدقة، معرفة العلاقات بين الأشياء، تصوير مسألة ما تصويرا بيانيا،التلاعب بالصور، إيجاد الطريق في المكان، تشكيل صور ذهنية، التخيل.

v الذكاء المتعلق بالعلاقات بين الأشخاص"الاجتماعي:
مع أن الناس يتمتعون بالقدرة الجسدية على العيش إفرادي ولوحدهم، إلا أننا أيضا كائنات اجتماعية ننجح وننمو حين نحتك بالآخرين. وتعرف هذه القدرة على التفاعل مع الآخرين وفهمهم وتفسير سلوكهم بالذكاء المتعلق بالعلاقات بين الأشخاص ، لم يصلح البعض لأن يكونوا سياسيين أو قادة أو رجال دين ممتازين؟ يلعب الذكاء المتعلق بالعلاقات بين الأشخاص "الذي نما نموا جيدا" دورا هاما في هذا النجاح. يتعلق بالعلاقات والتواصل بين الأشخاص ويشمل هذا الذكاء: خلق التعاون والحفاظ عليه، رؤية الأمور من منظور الآخرين، التعاون داخل المجموعة، الملاحظة والتمييز بين الآخرين، التواصل اللفظي وغير اللفظي.

v الذكاء الداخلي:
إن ملكة الذكاء داخل الأشخاص شبيهة بملكة الذكاء المتعلق بالعلاقات بين الأشخاص- فهي قدرتنا المعرفية على فهم "ذاتنا" والإحساس بها. و يسمح لنا الذكاء الداخلي بالتوغل في نفسنا: من نكون وما هي مشاعرنا ولما نحن على هذا النحو ؟.
ويستطيع الذكاء القوي داخل الأشخاص أن يؤدي إلى احترام الذات وتعزيز الذات وإلى قوة شخصية يمكن استخدامها لحل مشاكل داخلية وبالعكس.
وغالبا ما لا يتم إدراك الذكاء الداخلي من الخارج ما لم ينقل بشكل ما، سواء كان هذا الشكل غير ملموس (كالغضب أو الفرح) أو ملموسا (كقصيدة أو لوحة).
يرتبط بالاستبطان أو التذوت، تبدل المعرفة وإدراك الحالات النفسية الداخلية ويشمل الذكاء الداخلي: التركيز، اليقظة، تقييم المرء لتفكيره، إدراك المشاعر المختلفة والتعبير عنها، التفكير ومحاولة الإقناع على مستويات عليا، فهم الذات بعلاقاتها مع الآخرين.

v الذكاء المتعلق بالمذهب الطبيعي "الذكاء الطبيعي:
وهو قدرة الشخص على تحديد نماذج وتصنيفها في الطبيعية. فخلال عصر ما قبل التاريخ، اعتمد الصيادون-القطافون على الذكاء المتعلق بالمذهب الطبيعي لتحديد النباتات والحيوانات الصالحة وغير الصالحة للأكل.
اليوم، قد نرى الذكاء المتعلق بالمذهب الطبيعي في علاقتنا بمحيطنا وفي الدور الذي يلعبه كل جزء من أجزاء محيطنا. وقد يعبر الأشخاص الحساسون للتغيرات المناخية أو الماهرون في تمييز الفوارق الدقيقة بين أعداد كبيرة من الأشياء المتشابهة عن قدرات ذكاء يتعلق بالمذهب الطبيعي.

هذه الذكوات المتعددة لكي تنمو بشكل سليم، تحتاج إلى جو وبيئة مناسبة تشجع على نموها، كي ينمو لدينا إنسان متكامل ومكمل للآخر في نفس الوقت ، إنسان ذو ثقة بنفسه كامل القدرة على اتخاذ القرارات ،يمتلك مهارات حياتية مختلفة تساعده على التقدم والتطور المستمر .
وهنا يأتي دور التعلم النشط الذي يعتمد على إثارة جميع الحواس، والأنشطة التربوية الثقافية الاجتماعية النفسية الترفيهية ، مجتمعة كلها تؤدي بالضرورة إلى تنمية الذكاوات المتعددة .
كذلك الأسلوب التربوي السليم في التعامل مع الأطفال يؤثر على ذكاواتهم المختلفة، فمثلا العنف الأسري يؤدي الى تشوه المنظور الاجتماعي للطفل ، بالتالي ذكاء اجتماعي مريض، بالتالي مجتمع غير سوي ، وهكذا إن أردنا القياس على باقي الذكاوات ..
والآن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا يوفر الأهل والمعلمين والمنشطين والعاملين مع الأطفال من ظروف، ومن جو مناسب ، ينمى هذه الذكاوات؟..
إذا علينا الوقوف قليلا مع ممارساتنا ومع أساليبنا، سواء القديمة أو الجديدة، ونحاول ان نؤقلم هذه النظرية المهمة مع عملنا ، ومع نظرتنا في بناء أجيالنا القادمة.
فالمطلوب من الجميع توفير الأجواء، والعمل على تلبية حاجات الأطفال، واحترام حقوقهم، وإتاحة الفرصة لهم، كي ينمو عقلهم بالشكل السليم. فإما أن نؤسس لمجتمع متحضر، متقدم، ذكي، أو لمجتمع ليس كذلك..


المرجع: الكبار والصغار يتعلمون "النهج الشمولي التكاملي في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة" الجزء الثالث تأليف جاكلين صفير وجوليا جلكس- ورشة الموارد العربية-بيروت-لبنان * بتصرف من المؤلفين.



« return.