by mohyiddine harchaoui
Published on: Apr 29, 2008
Topic:
Type: Opinions

إذا أردنا التطرق لحقوق الإنسان في الديانات السماوية، يجب أولا : التمييز بين الأديان ( اليهودية ، المسيحية ، الإسلام ) كأديان ساهمت في تأسيس الوعي بحرية الإنسان وحقه في العيش الحر الكريم، و تحريره من كل القيود، حيث أن هذه الأديان ذات المصدر الواحد، جعلت الإنسان هو مدار الكون ومناط التكريم بصفته الإنسانية ، ويجب أن نفرق بين تاريخ تطبيق هذه الديانات على حياة المجتمعات ، وما رافقها من تطرف وإجحاف في حق المخالفين في الرأي،و المعتقد و المذهب ( وهذا حتى ضمن الدين الواحد ).
أ - الديانة اليهوديـة :
غرست اليهودية في نفوس أتباعها اعتبارات المصلحة القومية ، وقواعد العناية بالشعب ومصائره ، ونادت بالجزاء على الفضيلة والعقاب على الرذيلة ، هذا بالنظر إلى الديانة اليهودية في أصولها الأولى ، لكن نظرا لما شابها من التحريف في نصوصها ، فإن استناد اليهود إلى نصوص التوراة المحرفة وإلى ما جاء في ' التلمود ' الذي يعتبر شريعة بني إسرائيل العليا، قد جعلوا من شعبهم شعب الله المختار، وفي هذا يظهر اليهود على أنهم فضلوا أنفسهم على كل شعوب الأرض ، وهذا يعد إقرارا منهم على عدم وجود مبدأ المساواة عندهم ، كما يعد هذا تكريسا للتمييز والتفاضل بين البشر، الذي يمثل في الحقيقة صورة من صور انتهاك حقوق الإنسان . ويزداد ذلك وضوحا من خلال إباحة الإسرائيليين قتل غيرهم ، وغزوهم للشعوب الأخرى (حسب تأويلهم للكتاب المقدس).
إن الممارسة الدينية اليهودية بهذه المفاهيم المبنية على العنصرية، لا يمكن اعتبارها ديانة سماوية، ومن ثم فهي بعيدة عن مبادئ العدل والمساواة واحترام الحقوق الطبيعية للإنسان
ب - الديانة المسيحيـة :
كانت المسيحية دعوة دينية خالصة ، فلم تهتم بنظام الحكم الذي تفضله ، فاكتفت بإعلان حرية العقيدة والدعوة إلى التسامح والمساواة ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان ، وكانت تهدف إلى تحقيق مثل أعلى للإنسانية معتمدة على أساس المحبة ، كما هدفت الى محاربة التعصب الديني
وأهم ما ساهمت به المسيحية في مجال حقوق الإنسان، أنها أكدت كرامة الإنسان الذي يستحق الاحترام والتقدير، باعتبار أن الله خلقه وخصه بهذه الكرامة، والأمر الآخر هو أنها جاءت بفكرة تحديد السلطة، حيث رأت أن السلطة المطلقة لا يمارسها إلا الله.
وقد انطوت المسيحية على مبدأ العدل والمساواة، وان فكرة الإخاء العام والمحبة تتضمن المساواة في الحقوق واحترام الشخصية البشرية .
غير أن الممارسة المحرفة لهذه الديانة أقرت نظام الرق صراحة، وهو نظام يفقد بموجبه الإنسان حقوقه الأساسية، وفقدان المرأة لحقوقها بسبب خضوعها كليا للرجل، وهذا وضع أشبه ما يكون بالرق، حيث يفقد الرقيق حرية التصرف في نفسه ).

ج - الديانة الإسلاميـة :
لقد جاء الإسلام لإقرار الحقوق والحريات العامة وكفالتها للجميع، بدون أي تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي، إن حقوق الإنسان التي يقرها الإسلام هي حقوق أزلية لا غنى عنها وتتميز بأنها منح إلهية ، ولقد وفقت الشريعة الإسلامية بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية توفيقا لا تعارض فيه ، فلا إفراط في حقوق الفرد على حساب الجماعة، ولا في حقوق الجماعة على حساب حقوق الفرد .فقد اعتمد الإسلام مجموعة من المبادئ لتكوين أساس المجتمع الإنساني : المساواة ، العدل ، الحرية ، وقد جاء في الإسلام خصوصا التركيز عل التكريم الإلهي للإنسان بجعله أساس الحياة كما جاء في القرآن ' ولقد كرمنا بني آدم ' ، وفي الحديث النبوي (في خطبة الوداع)' أيها الناس إن ربكم واحـد، وإن أباكم واحد، لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لأعجمي على عربي و لا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، ألا هل بلغت
والخلاصة أن الإسلام يهدف أساسا لحماية ما يسمى بالكليات الخمس، والمتمثلة في حفظ ( الدين ، النسل ، العرض ، المال ،العقل ) وهي مدار حقوق الإنسان في أقسامها مجتمعة ( الحقوق المدنية والسياسية و الاجتماعية والثقافية ).


« return.