إن المنظمات الدولية غير الحكومية هي تنظيمات أو جمعيات أو اتحادات عبر قومية، يتعدى نشاطها نطاق الدولة الواحدة، و رغم غياب الإجماع حول تعريفها، فإنها أضحت حقيقة في المجتمع الدولي و تشكل قوة خاصة لها دورها و تأثيرها على الحياة الدولية، و تختلف هذه المنظمات الدولية غير الحكومية بحسب نشاط كل منظمة منها
أن حقوق الإنسان ارتبطت بالإنسان ذاته، و بصفته عضوا في المجتمع، و هي مفهوم تعددت تعاريفه من كونه علما قائما بذاته، أو بصفته جزءا من القانون الدولي العام، و اختلفت تصنيفاته بحسب المعايير المعتمدة في ذلك. و عرفت حقوق الإنسان تطورا تاريخيا مستمرا، و هذا على المستويين الفكري و القانوني، من خلال ما عرفه العالم من مواثيق متعددة، إقليمية و عالمية. و نتيجة لهذه السيرورة، و التطور فإن حقوق الإنسان تتنازعها جملة من الخصائص، من الشمولية و العالمية إلى الخصوصية و الاقليمية تكريسا لخصوصيات ثقافية و أبعاد حضارية تميز كل مجموعة بشرية عن غيرها (ثقافة، دينا، إيديولوجيا، نمط حياة و حكم …).
أما فيما يتعلق بالمنظمات الدولية غير الحكومية النشطة في ميدان حقوق الإنسان فإن أول ما نلاحظه هو خصوصيتها كفاعل في العلاقات الدولية، لها تعريفها الخاص بها، و بالتالي مميزات خاصة بها، نتيجة تنوعها، و امتداد نشاطها عبر الدول و عدم تمتعها بوضع أو شخصية قانونية. إلا أن هذا لم يمنعها من أن تكون غالبا القوة الثالثة في المجتمع الدولي بجانب الدول و المنظمات الدولية الحكومية.
و نلاحظ على منظمة العفو الدولية، أنها إحدى أكبر المنظمات الدولية غير الحكومية النشيطة في ميدان حقوق الإنسان، و أنها أكثرها تأثيرا و إحراجا للدول إزاء انتهاكات حقوق الإنسان.
هذه المنظمة، منذ نشأتها سنة 1961، نشأت مهتمة بقضايا سجناء الرأي و الضمير، ثم مناهضة حكم الإعدام فيما بعد، ليمتد نشـاطها شامـلا كل مناحي حقوق الإنسان. و تمتلك هذه المنظمة هيكلة خاصة تمتد على المستوى الدولي إلى المستوى الوطني، و تتميز بنشاطها الإعلامي الكثيف، و تعتبر منظمة العفو الدولية أكثر المنظمات مركزية خصوصا في مجال نشاطها و في عملية التبنـي خصوصا، و التي تعتمد (تتبنى) مساجين من جهات مختلفة من العالم، تحددهم الأمانة الدولية للأفواج التي تنشط على المستوى الوطني، و هذا بهدف الحفاظ على الحياد و عدم التحيز، إذ لا تسمح للأفواج بتبني قضايا بلدانها أو إصدار بيانات بشأنها.