by Adham Tobail
Published on: Mar 12, 2008
Topic:
Type: Opinions

تعتبر وسائل الإعلام بفاعليتها وسطوتها إحدى أقوى أدوات المعرفة وتكوين الوعي، إضافة إلى كونها أداة مؤثرة في صناعة القرار السياسي وتوجيه الرأي العام وتوعيته، وتلعب وسائل الإعلام دوراً هاما في إحداث التغييرات وتدعيم الاتجاهات وبناء التصورات حول مختلف القضايا التي تهم المواطنين والمسئولين في كافة مواقعهم والمضمون السياسي للمادة الإعلامية سواء المقروءة أو المرئية أو المذاعة في وسائل الإعلام العربية يطغى على ما سواه . إن زيادة تعرض الجمهور لوسائل الإعلام يزيد من قدرتها على صنع تصورات أو حلول للمشكلات والقضايا العامة المختلفة ، حيث أن دور وسائل الإعلام مرتبط بشكل أساسي بتدعيم القيم الاجتماعية والسياسية السائدة ، ورفعها والارتقاء بمستوى الوعي السياسي. ولكن ماذ حدث ؟ انقلب السحر على الساحرلأن الصراع الدموي القاتل وما افرزه من نتائج على الأرض وما صحبه من اعتداءات على الصحفيين ووسائل الإعلام أدى إلى تراجع الإعلام الفلسطيني تراجعا كبيرا وخطيرا, أدى إلى سيادة الإعلام الحزبي المتعصب الأول تابع لحركة حماس أو موالي لها في قطاع غزة والآخر تابع لفتح والسلطة الفلسطينية أو متحيز لها في الضفة الغربية . لم يشهد الإعلام الفلسطيني مجازر بشعة بحق إعلامنا الفلسطيني والصور التي تناقلتها وسائل الإعلام أن دلت إنما تذل على مدى الاستخفاف والاستهزاء بوسائل الإعلام والصحفيين على حد سواء.

شاهدنا عبر الفضائيات صور الضرب والتهديد عبر الهواتف النقالة وسجن وإقامة جبرية في البيت وتكسير للكاميرات ومصادرة أشرطة الفيديو، و اقتحام وإحراق مؤسسات إعلامية ونهب وتدمير معداتها, ومنع من البث وطباعة وتوزيع صحف, واعتقال صحفيين وتهديدهم وإطلاق النار عليهم وهذه الانتهاكات أسوأ من حيث حجمها وعددها . لقد كانت فاجعة بالنسبة لي عندما رأيت أحد الصحفيين في غزة والذي ينتمي إلى أحد الإذاعات المحلية والذي يدعى أنه اعلامى وهو يمسك بكمرته ويمسك باليد الأخرى عصا ويضرب أحد المواطنين بالعصا أهذا هو أخلاقيات الرجل الإعلامي ؟ أم هكذا شرف المهنة ؟ بالتأكيد هذه غابة للإعلاميين يقتل منهم القوى الضعيف . بالتأكيد أن وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة من اذعة وصحف وتلفزة لا تقوم بدورها الحقيقي والأخلاقي والمهني والديني وآسف جدا أن أوصفها مصدر للسموم ومصدر الفتن إذاعة الأقصى المحسوبة على حركة حماس وأثناء عملية الحسم العسكري في غزة كان مراسلها يتحدث وكأنه يصف الطرف الأخر عدو لدود وهو يسمى أفراد الأجهزة الأمنية قوات لحد وعبرات غريبة يصفهم بالعملاء والكفرة والقتلة والخونة. لقد قامت العديد من وسائل الإعلام خاصة المحطات الإذاعية والتلفزيونية والصحف والمواقع الإخبارية الالكترونية التابعة لفتح وحماس أو القريبة منها بالتحريض وصب الزيت على نار الخلافات,و تحولت إلى أداة رئيسية في الصراع الدائر بين الحركتين, خلال السنتين الأخيرتين, وخاصة منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية في الخامس والعشرين من كانون ثاني 2006, حيث بلغ ذلك ذورته في شهر تموز الماضي. لقد أدى احتدام الصراع بين فتح وحماس إلى تدهور حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير حتى أن بعض الكتاب اعتزل كتابة المقالات وإعلان اعتزله عبر مواقع الإنترنت حفاظا على حياته . رغم ذلك أكد المسئولين في الطرفين, على التزامهم وحرصهم على حرية الإعلام, لكن ما كان يدور على الأرض يشير إلى العكس تماما, فقد هرب الصحفيون ووسائل الإعلام الأجنبية من قطاع غزة و أصبح الصحفيون الفلسطينيون يخشون من تغطية الأحداث وتداول المعلومات ونشرها وفقا للمعايير المهنية, لان ذلك سيؤدي إلى إغضاب احد طرفي الصراع, كما أدى هذا الوضع إلى نشوء ظاهرة سيادة الخوف والرعب والحذر الشديد في أوساط الصحفيين, الذين باتوا يخشون من التعبير عن آرائهم بحرية وقد تم تهديدهم بالفعل عبر الهواتف النقالة , كما أدى إلى توقف بعض المحطات الإذاعية عن البث مثل (صوت الحرية وصوت الشباب), وتوقف تلفزيون فلسطين عن البث في قطاع غزة وذلك خوفا على حياة العاملين فيها, وبعضها توقفت عن البث والعمل كإذاعة صوت العمال بعد احتلال القوة التنفيذية لمقرها, ومكاتب تلفزيون الأقصى في الضفة بعد قرار إغلاقها من قبل السلطة, وسرقة معدات وممتلكات اذعة الشعب في غزة ووقف طباعة وتوزيع بعض الصحف في الضفة مثل صحيفة فلسطين اليومية, التي تصدر في غزة, بعد تلقى مطبعة الأيام تهديدا بعدم طباعتها, والى هرب بعض الصحفيين إلى خارج القطاع, منهم على سبيل المثال سيف الدين شاهين مراسل قناة العربية الذي تلقى تهديد من حركة ؟ , ومجدي العرابيد مدير وصاحب إذاعة صوت الحرية, والأغرب في هذا أن كثير من المسؤلين في حكومة حماس فى غزة كان يخرج عبر وسائل الإعلام ويحكى عن حرية الصحافة والتصوير ونقل الأحداث في المقابل تبث عبر قنوات أخرى مشاهد ملاحقة وضرب ومصادرة كاميرات الصحفيين فى غزة أن هذا الوضع الخطير أدى إلى تعزز الرقابة الذاتية لدى الصحفيين ووسائل الإعلام المستقلة, والى انقسام كبير في وسائل الإعلام المحلية نقلها للأحداث, وقليلة هي وسائل الإعلام المحلية التي حافظت على الحياد. والاستقلالية . لهذا خرجت كثير من المؤسسات الإعلامية دفاعا وحماية للصحفيين بعدد من الندوات كانت في مجملها تدعو إلى "، تحييد وسائل الإعلام الفلسطينية عن أية تجاذبات سياسية لتمكينها من أداء دورها بحرية ومهنية، سيما في قطاع غزة.وضرورة أن تتوقف محاولات زج الصحافيين في أية خلافات داخلية، وتفعيل العمل الإعلامي، مع التأكيد على مخاطر سياسة التعتيم ومنع الحريات وتكميم الأفواه. خاصة وأن جميع المعطيات أظهرت بشكل جلي أن الأزمة الداخلية أثرت بشكل سلبي على حرية العمل الصحافي في الأراضي الفلسطينية . لهذا أتمنى على الصحفيين أن يقوموا بدورهم الوطني والقومي والأخلاقي والمهني والأصيل وان يرجعوا الى ما كانوا عليه فهم انجزوا خلال الفترات السابقة كشف ممارسات الاحتلال وأساليبه القمعية واظهروا الشعب الفلسطيني بصورته الحضارية المشرقة ونضاله وكفاحه من اجل إعادة أرضه وحقوقه وعودة لآجئين وإقامة دولته حافظو ا على تاريخكم المشرق ولا تكون كما بني برج وسقط بعد بنايته .



« return.