من المؤسف في عصر التطور والسرعة أن نجد الإجراءات لدينا تسير كما تسير الزواحف وخصوصاً فيما يتعلّق بموضوع استخراج تصريح لممارسة مهنة المحاماة وبطء الإجراءات المتبعة، حيث إن المواد الواردة في النظام تنص أنه لا بد على المحامي المتدرب أن يتدرب لمدة ثلاث سنوات، وتعتبر المدة طويلة مقارنة بالنسبة للدول المجاورة والتي لها باع طويل في مجال المحاماة.
علماً بأن طالب الحقوق أو القانون يستمر في دراسته لمدة أربع سنوات للحصول على درجة البكالوريوس فيفاجأ بمدة التدريب خلال دراسته الجامعية، فالمدة المحتسبة تبدأ بعد التخرّج، وأعتقد أن الشرط ليس له من تفسير مقنع ومن حيث العقل والمنطق يفضل الدراسة للماجستير لمدة سنة أو سنتين أفضل من التدريب في مكتب محاماة وهذا يعتبر من حيث التقييم في المعايير الدولية ناشئاً خصوصاً إذا كان التدريب بلا أجر ناهيك عن المعاملة المتبعة من قبل المكتب في التعامل مع المتدربين.
من خلال تجربتي وما سمعته من الإخوة المتدربين من القصص التي تنتج من التعامل المغلوط من قبل بعض أصحاب مكاتب المحاماة مع المتدربين يثير لدي التساؤل: ألا يؤثر ذلك على بذل الجهود الهائلة في تعليم الكوادر الشابة التي تترقب منهم في المستقبل القريب وفتح آفاق جديدة في عالم القانون والحقوق، ولكن كل ما يتم تعليمه لهذا الخريج يندثر في مكان التدريب الذي أعتبره محرقة لكل كادر علمي متخصص؛ خصوصاً إذا كان صاحب المكتب لم يتخصص في القانون أو حصل على التصريح بسبب الخبرة (دعوجي) مما يعتبر انتهاكاً لحقوق أصحاب الاختصاص الذين يعانون لكي يحصلوا على تصريح بحجة فترة التدريب وخصوصاً مَن هم على درجة البكالوريوس.
ففي الدول الأخرى نجد أنها وضعت مسارين للخريجين من كليات القانون أو الشريعة وهما: إما التدريب لمدة لا تتجاوز العامين في مكتب للمحاماة أو الدراسة في معهد حكومي متخصص في الدولة للدراسات القضائية والقانونية لمدة سنة ويعتبر دبلوماً بالنسبة لخريج المعهد المختص.
لكن لا يوجد لدينا مثل هذه المعاهد، بل مراكز تدريبية ذات طابع تجاري بحت لا يخدم المنتسبين فيه، بل يخدم ميزانية صاحب المكتب لأنه لا يوجد فيه أي من المعاير الأكاديمية في إيصال المعلومة للمتلقي حتى ولو استعان بكوادر أكاديمية لأن تأسيس معلوماته خطأ.
أود النظر والاستفادة من تجارب الدول المجاورة وتفادي الأخطاء، علماً بأن هناك محامين قد توجهوا إلى أحضان دول أخرى لأنها وفرت لهم المناخ المناسب بعد ما بذل عليهم الكثير من الأموال لكي يتم تخريجهم، ألا يعتبر هذا هدراً للكوادر الشابة وثروات الوطن بسبب قرارات تحتاج إلى دراسة أكثر، ولماذا لا يستفتى أصحاب الشأن في القرار (المحامون) وذلك للمشاركة في وضع إستراتيجية صحيحة يمكن من خلالها تفادي الأخطاء المستقبلية.