by Fahad Al Farhan
Published on: Aug 21, 2007
Topic:
Type: Opinions

الحذر من تنامي تجارة جنس الأطفال في العراق

لم تر العراقية أم زكريا، التي أقعد المرض زوجها عن العمل، عيبا في أن تسلّم ابنيها البالغين من العمر 13 و14 عاما، إلى عصابة تتاجر في ميدان جنس الأطفال داخل العراق، معتبرة أنّها قدّمت لها خدمة وأنّها فخورة بولديها.

ووفقا لتقرير حديث أصدرته الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي حول الشؤون الإنسانية، التي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة، فإنّ عائلة أم زكريا هي مثال حيّ ربّما لمئات العائلات التي وجدت في تجارة جنس الشذوذ لدى الأطفال مورد معيشة، لها في ظلّ انسداد الآفاق وتردي الوضع الأمني بالعراق.

وتقول أم زكريا: "نحن عائلة فقيرة، ولم يعد بإمكان زوجي العمل. وقبل ثلاثة أشهر جاء أبو الأولاد (زعيم عصابة تعمل في هذا الميدان) إلى منزلي، وعرض علينا أموالا إذا سمحنا لولدينا بالعمل معه.. وشكرا له.. فاليوم اصبح لدينا دخل جيّد."

وأضافت: " لربّما يجد الناس في هذا أمرا مفاجئا.. ولكن على الأقلّ يمكننا أن نأكل الآن.. وأنا فخورة بهما."

غير أنّ حسن فيراز، البالغ من العمر 16 سنة، ناشد الجميع التدخل لإنقاذه من "رفقة آخرين" من هذه العصابة التي "تهددنا."

وبدأ الصبي "حسن فيراز" فصلا جديدا يرى أنّه "مؤلم" في حياته منذ تمّ إجباره على الدخول في تجارة الجنس ببغداد، منضما بذلك إلى عدد متزايد من المراهقين المدفوعين إلى هذا الميدان، إمّا بسبب تهديدهم من قبل عصابات أو بفعل الحاجة.

وأضاف حسن: "إنّني أبكي كلّ ليلة. أنا شاذ مثليّ وأجبرت على أن أكون بائع هوى بسبب أحد الأشخاص الذين مارست معهم الجنس بعد أن قام بأخذ صور لي أثناء ذلك، وهدّدني بكشفها لعائلتي إذا رفضت هذا العمل."

وتابع حديثه بخجل وخوف قائلا: " إن حياتي اليوم هي عبارة عن كارثة.. ويمكن أن أقتل من قبل عائلتي لاستعادة شرفها."

ووفقا للشريعة الإسلامية، تعتبر المثلية جريمة دينية عقوبتها الموت، فيما لا يتضمن الدستور المؤقت العراقي أي إشارة للشذوذ، علما انه تجري المفاوضات حاليا بشأن وضع دستور جديد.

الشيخ حسين صالح، وهو أحد رموز الطائفة الشيعية في العراق، علق على الأمر الذي اصبح يتفشى، قائلا إنّه "يتعيّن على عائلات هؤلاء الأطفال أن يقتلوهم، بصرف النظر عمّا إذا كانوا مجبرين على ذلك أو قاموا به عن طيب خاطر."

وأضاف "خلال حكم نظام صدام، كانت عقوبة مثل هذه الأفعال الموت، ونحن نأمل أن يحذو الدستور الجديد حذو ذلك."

ومن جهته، قال ربّ عائلة يكفل ثلاثة أطفال "إذا اكتشفت أنّ أحد أولادي يقوم بذلك، فسأقتله دون أدنى تردّد.. لأنّ ذلك اعتداء على الله وجريمة شرف، والشذوذ ليس سوى حيوانية."

ولم تجد عدة عائلات عراقية بدّا من وقف أولادهم عن الدراسة بسبب مخاوف من أن يسقطوا في حبال هذه العصابات.

ويعتبر من يسمى بـ "أبو الأولاد" واحدا من أبرز زعماء هذه العصابات، ولا يجد أي غضاضة في عمله هذا.

ويقول "أبو الأولاد" إنّ ما تقدمه عصابته للأطفال "عمل مثل البقية" ، نافيا أن تكون هناك ضغوط أو تهديدات تستهدفهم في حال قرروا الانقطاع عن "هذا العمل في أي وقت."

وأضاف "العراقيون يعشقون الأطفال، وعملنا هو توفير المتعة لهم. كلّ هؤلاء الأطفال شواذ، وفي العراق الشذوذ أمر رخيص وسيئ، ولكنّنا نجعلهم يشعرون بأنّ لهم خصوصية وقيمة عندما يعملون معنا."

في هذه الأثناء، وفي ظلّ وجود ضوء ولو ضئيل في هذا النفق المظلم، مازال العديد من أطفال بغداد يعيشون في كابوس الخوف، داعين أن يأتيهم حلّ من أي مكان ومن أي شخص في العالم.

وقال يوسف حطاب، البالغ من العمر 15 عاما، بأمل يشوبه الألم "أتمنى يوما أعيش فيه من دون الخوف من أن أرى والدي قادما صوبي بمسدّس أو سكين لقتلي لأنّه اكتشف ما أقوم به من أجل أن أعيش."

ووفقا للتقرير، يتقاضى كلّ صبي مبلغ 10 دولارات عن كلّ شخص يمارس معه الجنس، في الوقت الذي تذهب فيه خمسة أضعاف هذا المبلغ إلى العصابات التي "تشغّله."

وقال سعيد محمد، الموظف المسؤول في وزارة الداخلية، إنّ عدد الأطفال الموجودين داخل هذه الشبكات، وفقا لمعلومات غير موثقة، يربو عن 4000، فيما يرجح مسؤولون حكوميون أن يكون العدد بالمئات.

ومن شأن هذه الأرقام أن تعطي فكرة عن حجم هذه التجارة الممنوعة، التي بدأ العراقي يلحظها، وهي بصدد التنامي يوما بعد يوم، منذ غزو بلاده.

ووفقا لمسؤولين محليين، فإنّ هذه التجارة شهدت تزايدا منذ بدء النزاع في 2003 ، ولاسيما في صفوف المراهقين.

ومن ضمن الأسباب التي أدّت إلى ذلك تنامي البطالة، حيث تقدّر وزارة التخطيط والتنمية عدد العاطلين عن العمل في العراق بنحو 48 بالمائة من بين شريحة الشباب.

وبدأت وزارة الداخلية العراقية، بناء على طلب من وزارة العمل، في تعقّب العصابات العاملة في هذا الميدان.

كما أنشأت الوزارة خلية متابعة تبحث عن هذه العصابات وتضغط على العائلات من أجل منعها من إرسال أطفالها إلى هذه الشبكات.

وقال مسؤول في وزارة الداخلية، رفض الكشف عن هويته لدواع أمنية، إنّه تمّ اعتقال زعيمين من زعماء هذه العصابات حتى الآن.

وأضاف، إنّه تمّ استجواب أكثر من 15 طفلا ، ولم يتمّ إعلام عائلاتهم بالسبب الحقيقي لاعتقالهم.

واعترف المسؤول قائلا "عندما تسمع بما آل إليه هؤلاء اليافعون، فإنّك تخشى حقا على أولادك، حيث يمكنهم أن يسقطوا أي لحظة في براثن هذه العصابات."

وأطلقت وزارة العمل برنامجا لإعادة تأهيل من يرغب من هؤلاء الأطفال في العودة إلى حياتهم العادية، يضمن عدم التمييز الاجتماعي وعدم مقاضاتهم.

كما تساعد منظمتان غير حكوميتين، بناء على طلب من وزارة العمل، في هذه الجهود التي تستهدف إنقاذ هؤلاء الأطفال من أحد أشكال العبودية.

وجمعت إحدى هاتين المنظمتين، وهي منظمة "السلام والمستقبل الأفضل العراقي" أسماء أكثر من 50 طفلا قالت إنّهم لا يمكنهم ترك تجارة الجنس بسبب تهديدات، غير أنّه تمّ إيجاد حلول لبعضهم.





« return.