by Samer Mohammed Kamel
Published on: Jun 29, 2007
Topic:
Type: Opinions

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم
أود الدخول في الموضوع مباشرة دون مقدمات


لماذا نخطئ؟ لماذا نذنب؟ و الأهم لماذا نتوب؟

طبعا كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ... ما دفعني للكتابة هو شأني شأن كل إنسان على ظهر البسيطة أخطأت و ارتكبت إثما ما كنت قد أقسمت ألا أفعله مرة اخرى و هو ما حدث و أقلعت فعلا عنه ... و الأسباب المؤدية اليه حتى اجتنبتها كلها ... كلنا عندنا هذا مع اختلاف نوعية الإثم ... البعض عنده داء الكذب و الآخر النفاق و هناك من لديه إطلاق البصر أو العناد و ربما حتى ترك العبادات و الفروض ... و لهذا أستطيع التخمين أنكم تستطيعون فهمي فيما أنا ذاهب اليه

أعني لماذا يعتقد الإنسان أنه يجب عليه ألا يخطيء؟ و حين يخطيء يعتقد أنه لا رجعة و أنه خرج من زمرة المؤمنين الى أي زمرة أخرى؟ حتى يأتيه خبر التوبة فيبدأ في الأمل في رحمة الله و وسعة مغفرته ... و يحاول جاهدا أن يخلص في توبته و يعزم أن لا يعود للمعصية مرة أخرى و هي شروط التوبة النصوحة الثلاثة كما نعلم ... حتى يظن أنه قد تغلب على مرضه المسمى بالخطيئة أو أنه شفي تماما من هذا الداء و لا رجعة حتى يعود ليخطيء مرة أخرى و ييأس مرة أخرى ليتذكر مرة أخرى ثم يتوب في النهاية ليخطيء و هكذا

هل حسب أحدكم كم من مرة فعل هذا؟ هل يدرك أحدكم أن المرء يمضي حياته كلها في هذه الدورة؟ أهذه الحياة؟ و إذا كانت هكذا فما غرض الله منها؟

طبعا نعلم كلنا آية و ما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون ... و لكني لا بد أن أعترف أني لم أقتنع و لم أفهم معناها ...حتى الآن
و حين فهمت ... أردت أن أشاطركم اياها عسى أن يصححني احد

ما يغفل الكثير منا عن ذكره و تذكره هو أن طبيعة الإنسان و فطرته تشتمل أن يذنب وهو المتمثل في النفس الأمارة بالسوء و معنى حياته كلها في أن يحارب فطرته هذه فيزكي نفسه و يبتعد بها عن مواطن الشبهات حتى يصل بها أولا الى النفس الراضية ثم أخيرا النفس المطمئنة المعينة على الأمر بأوامر الله و اجتناب نواهيه بسهولة متناهية كما التنفس في سهولته و أدائه حتى دون الشعور به ومع ذلك لا يستطيع أن يملك ألا يخطيء تماما فهي طبيعته قبل كل شيء و سبحان الله ان هذا تفرد الإنسان
و لهذا اصطفاه الله عن سائر مخلوقاته لخلافته في الأرض بل و أقول أن هذه هي مزية الإنسان الأولى التي جلها الله فيه و كانت سببا في اختياره دون غيره في خلافة الأرض ... وهي المرونة التي خلقها الله فيه فلا يوجد كائن أخر يستطيع أن يعصي الله ثم يعود ليتوب فيعود ربما أحسن مما كان .... وفي هذا تفسير مرة سمعته ذات مرة أن ابليس كان من الملائكة و هذا سر تواجده مع الملائكة حينما أمرهم الله بالسجود لآدم
وإذا نظرنا للأمر بشيء من الخيال ... الملائكة نعلم أنها خلقت من نور و الجان من نار .... الآن انظر لهذا التفسير
لما لا تكون مادة النور و النار واحدة حتى اذا حدث تغير ما تحول النور من ضياء منير الى نور محرق ثم أخيرا الى ما نطلق عليه النار

بمعنى اخر انه ربما الملائكة ليس لهم تلك المرونة التي خلقها الله في الإنسان بمعنى أنهم اذا عصوا الله لا يستطيعون التوبة ... وهو ما حدث بالضبط مع ابليس ... و ربما هذا ما قصده الله تعالى بقوله "إني أعلم ما لا تعلمون" حين قالت الملائكة "و إذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة فقالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك" .... فقال تعالى "قال أني أعلم ما لا تعلمون" أي أنه يعلم أنهم اذا عصوه تحولو من النور الهادي الى النار المحرقة
و لاحظ أنه عقب ذلك أول وصف لإبليس بالشيطان ... أي أنه كان ربما في طور التحول من النور الى النار و كان بذلك اثبات عملي من الله للملائكة لماذا لم يستخلفهم في الأرض لما سيحدث لهم اذا ابتعدوا عن رؤية الله جهارا كما سيكون حال الإنسان مع الله ... الإنسان الذي وصفه الله بأنه ظالم و جهول و كفار ... و هذا تفسير قرأته أو ربما سمعته لا يعني بالضرورة أنه صحيح

لا أدعي المعرفة أو أي شيء و لهذا أهله و لكنه فقط مما استوقفني في ملاحظاتي هذه

ماذا تتوقع من كائن خلقه الله و خيره و حجب عنه رؤيته و أخر حسابه و جعل فيه تلك النفس الأمارة بالسوء التي عليه هو و لا أحد غيره ان يزكيها لكي يصل بها الى النفس الراضية ثم المطمئنة؟

لا بد لهذا الكائن أن يجد ميل نحو التمرد ... و العصيان ...أو حتى النسيان و الغفلة وهما ميزة الإنسان الأولى خاصة مع وضع عامل وسوسة الشيطان و ربما هذا سر حقد الشيطان الأبدي على الإنسان ... انه يستطيع ان يخطيء و يتوب و هو لا يستطيع ذلك؟
لم أقول هذا ... السبب هو أني ربما بدأت أفهم معنى العبودية بشكل جديد .... لم نعبد الله؟
الجواب بسيط لأنه الخالق ... و أنه أمرنا بذلك و لا سؤال بعد ذلك ... فهذا حقه علينا
ما هدف العبادة ؟ أو لم أرادها الله منا؟ لكل شيء سبب أليس كذلك؟
الآن هذا هو الجواب الذي طالما فشلت في ايجاده ... أمرنا بعبادته لأنه دون ذلك لا نستطيع أن نتوب ... مفتاح التوبة في العبادة سواء من نفسك أو من أي عابد أخر سواك يذكرك اذا لم تكن أنت نفسك بعابد ... بمعنى أخر الله يعلم أننا سوف نذنب وهو يعلم هذا ... فهذا هو مغزى وجودنا أصلا فلا يجب لشخص أن يشعر باليأس أبدا أنه أخطأ أو أذنب .... يجب فقط عليه الندم أنه لم يزكي نفسه و لم يرتقي بنفسه الى الدرجة التي يكون فيها صاحب نفس مطمئنة تعينه على الخير و ضد الشر فهذا داعي الندم الأول في اعتقادي ... أنه فشل في تزكية نفسه
أما داعي التوبة فهو الندم و الا بدونها تحول الندم الى يأس و تحولت الى ابليس أخر وهم من نسمع عنهم من شياطين الإنس
أما داعي العزم على عدم الرجوع الى نفس المعصية هو إظهار النية و إخلاصك في عزمك على تزكيتك نفسك حتى لا تعود الى مثل ما اقترفت من ذنب مرة أخرى و حتى تصل الى النفس الراضية ثم المطمئنة

و لهذا أعلم أن هناك حديث شريف لا أتذكر نصه ... فيما معناه أنه لو كان أهل الأرض لا يخطئون لذهب بهم الله و أتى بقوم آخرون يخطئون و يتوبون لماذا ؟
لأن معنى خلق الله الإنس و الجن هو العبادة ... و العبادة لن تتأتى إلا من خلال الخطأ و التوبة. كيف هذا ؟
حين تتوب أولا كأنك تنادي و تناجي الله بإسمائه الرحمن و الرحيم و الغفور و التواب و الرؤوف و غير ذلك مما لا تسعفني الذاكرة ... بالطبع ان لم تخطيء فلن تعبد الله أبدا بهذه الصفات لأنك لن تحتاجها
هذا دون طبعا دون باقي الصفات التي تدل على وسع معرفة الله بكل شيء كالبصير و السميع و العليم و الخبير و كل هذا ... فأنت حين تتوب تعترف ضمنيا بهذه الصفات و إلا فما داعي التوبة إذا لم يعلم الخالق بمعصيتك طبعا هذا غير المنتقم الجبار و مالك الملك و غير ذلك مما أعجز عن حصره حاليا فهو الأول الذي لا مفر منه و الآخر الذي لا مناص لغيره فكل هذا بتوبتك أنت تعلن ضمنيا الإعتراف و إثبات هذا الصفات لله عز وجل أيوجد معنى آخر للعبودية غير ذلك؟


أما حين تصل بنفسك الى درجة الرقي بأن تكون نفس مطمئنة فتذكر أن الله عزيز و أن الله لن يزيد ملكه شيء بهذا و لن ينقصه كذلك كفره به ... فتكون بهذه علمت أن غاية وجودك و إيجادك في الأرض هي العبودية فقط لا غير


كيف العبودية؟

إيمانك أنك مخطيء لا محالة .... فلا يوجد معصوم غير الأنبياء

إعلانك توبتك

عزمك على تزكية نفسك

إذن لم نحيا و ما هو هدف الحياة؟ فكرة الخطأ و الرغبة في التعويض ثم التفوق وهو أبرز ما يكون في مرحلة الطفولة .... فلا يوجد أي سبيل لتعلم الطفل إلا عن طريق الخطأ ثم إعادة المحاولة مرة أخرى ... كركوب الدراجة أو تعلم المشي و حتى القراءة و النطق و الكتابة و كل ما يتعلمه الإنسان
أفهمتم لماذا الإنسان خلق جهولا؟ لأنه يجب عليه أن يتعلم العبودية ... و إذا كانت العبودية تتجلى في أبرز صورها في التوبة فكيف يتعلم التوبة اذا لم يخطيء؟

فإنت طفل في هذه الدنيا مهمته الوحيدة التعلم .... وسيلة التعلم الوحيدة الخطأ ثم التوبة ثم التعويض بالعمل الصالح ... وهذا الأخير العمل الصالح هو التعمير في الأرض .... وهو الدال على صدق النية في العزم على تزكية النفس ...و هو ناتج أو لمحصلة اجتهاد البشر في العبودية كما أنه السبب الوحيد للسعادة في الأرض لأن هذا هو المعنى الحقيقي للإستخلاف فيها

طيب الشيطان كيف نتغلب عليه؟
الإجابة أبسط مما تتخيل ... في كلمة واحدة الإخلاص
ألم يقل الشيطان "الا عبادك المخلصين ..." الى أخر الأية

:من الأخر مش عايز الشيطان يقرفك اعمل الأتي
اصحى كل يوم الصبح لا هدف لك و لا مهمة في هذا اليوم الا اثبات اخلاصك لله في كل ما تفعل ... افعل و جرب و ادعيلي

ثانيا احرص على التوبة كطريقك لإثبات و إظهار عبوديتك المطلقة لله

ثالثا اجعل هدفك في الحياة تزكية النفس و الوصول الى نفسك المطمئنة

رابعا التعمير ... أحرص على شغل باقي اليوم المزدحم باجتهادك نحو اثبات اخلاصك لله بأي عمل مفيد بنية التعمير و شوف مقدار السعادة اللي حتبقى فيها

خامسا ... تذكر أن الله عزيز فلا تغتر بالعبادة و قل الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

تعاطفك لوحده مش كفاية ... قصدي مش كفاية ان الكلام يبقى كويس و عاجبك و نفسك تعمله ... كلنا عندنا الرغبة نبقى كويسين بس دايما ننسى ان هناك جسر ما بين الرغبة في القيام بالشيء و القيام به و تنفيذه في الواقع ... هذا الجسر اسمه الإرادة

كل يوم الصبح ذكر نفسك ... انك تريد أن تكون مخلصا ...تريد أن تكون عبدا طائعا ... تريد أن تتوب اذا أخطأت ... تريد أن تصلي ... تريد أن تصوم ... تريد أن تقرأ القران
ليس فقط لأن الله أمرنا بهذا ... و لكن لأنك تريده


قد أكون مخطئا في بعض و ربما كل ما ذكرت فكما قلت لست متخصصا ... و لست أهل للإجتهاد. كل الأمر أني اكتشفت شيء بالصدفة ... أو بالقدر حيث أني لا أؤمن بالصدفة ... قد يكون شيئا أو لا شيء و لكني فقط أردت أن أبلغه حتى تعم المصلحة ان كانت هناك مصلحة ... أو يصححني أحد وهذا حق المسلم على أخيه المسلم

و بالله التوفيق

« return.