by Samer Mohammed Kamel
Published on: Jun 29, 2007
Topic:
Type: Opinions

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على نبينا ممد صلى الله عليه و سلم خاتم الأنبياء و خير الخلق أجمعين و بعد

منذ فترة و أنا تتملكني رغبة شديدة في بحث و مناقشة موضوع طالما شغل تفكيري و أثار حفيظتي و أظنه كذلك بالنسبة لكثير من المسلمين و لكن لا أحد يجرأ على حتى مناقشته خشية اتهامه بالرجعية و التخلف ... وربما التطرف و الإرهاب

و بدون مقدمات دعنا ندخل في لب الموضوع و أعتذر مقدا للإطالة و أتمنى عليكم أن تقرؤوه فجهد كتابته بالتأكيد أكبر من مجرد قراءته ... و لتعلم أن الله سيحاسبك على التفريط في حق نفسك بأن تعلًمها و تربيها و تثقفها

و طالما أننا في سياق الحديث عن الشرعية و أصل الأمور و صحتة إيماننا بها فكان لا بد أن نتكلم في هذا الموضوع لأنه أصل كل شيء ... فهو أساس البناء الذي اذا فسد لما إستقام كل ما يبنى عليه حتى و ان زٌيًن بكل الألوان المبهرة و الأضواء البراقة الزائفة .... حتى لو رأينا سائر الأبنية التي قامت على هذا الأساس و أعجبنا روعة البناء و تفرد التصميم و عبقرية التنفيذ

الديموقراطية ... لفظ طالما سمعناه و أٌطرشت آذاننا من كثرة المطالبة به دون أن نتوقف أمامه للحظة و نسأل عن أصله و مدى مشروعية الفكرة التي يقوم عيها ... إننا حتى و أن معكم لا أعرف مرادفا للكلمة ذاته و أصلا لها ... كل ما أسمعه هو ظواهر متعلقة بالديموقراطية كتداول السلطة و حرية تشكيل الأحزاب و ما هو دون ذلك ... و لكن لا أعلم أصل الفكرة ... أو كيفية نشأتها و ماهية ظروف هذه النشأة ... كل ما أعلمه أن أول ما ظهرت الفكرة كانت في عهد الأغريق القدماء و هم كما تعلمون جزء من حضارة وثنية شأنها شأن كثير من الحضارات القائمة أثناء تلك الحقبة ... و لا أعلم ماهو دون ذلك و للأمانة لم أبحث بعد و لكن تلقفت بعض الكلمات المتناثرة هنا و هناك عن الديموقراطية والعلمانية و تأثيرهما في المجتمع و هل لهما علاقة بالشريعة في الإسلام أو نظام الدولة في الإسلام و هل هناك أصلا نظام للدولة في الإسلام وهو ما يعنيني كرجل مسلم في النهاية

كل هذا دار في فكري حتى تنبهت لظاهرة فيها كثير من السخرية قد تكون عامة في معظم دول و شعوب العالم الاسلامي ... وهي أننا كثير ما نطالب بأشياء و نلتف حول أشخاص دون أن نكلف أنفسنا بالبحث عن الجذور و أصول هذه الأشياء و هؤلاء الأشخاص لأننا بصراحة لا نعلم و لم نتعلم أن نسأل لماذا هذ الشيء او لماذا هذا الشخص بالذات و ما هي شرعيته حتى نلتف حوله و نطالب به ... فقط نشغل أنفسنا بأنه فعل كذا و كذا أو أن هذه الفكرة أدت بنا الى كذا و كذا ... و كذا هذه قد تبدو صحيحة أو جيدة بل قد تكون فعلا كذلك و لكننا نسينا و غابت عن أذهاننا القاعدة الفقهية الشهيرة ما بٌني على باطل فهو باطل

و كم وددت أثناء هذا التفكير و افتقدت التربية الدينية الصحيحة التي كان من الممكن أن تؤيد هذا الكلام بأمثلة أو أحاديث نبوية و شواهد تدعو الى ضرورة البحث في بواطن و أصول الأشياء قبل أخذ قرار بتأييدها أو رفضها و هو ما أنا على ثقة و عقيدة راسخة أن الأمثلة و الأحاديث الدالة على هذا كثيرة و لكن على أي حال ... حديثنا اليوم عن أصل الديموقراطية

أولا أنا لست بالطبع عالما أو حتى مفكرا ... فقط راقبت بعض الظواهر و تسائلت ببعض الأسئلة التي قد تنم عن جهل مني و أنا معترف بهذا و أمنى أن يصححني أي أحد يود بذلك أو حتى ينقدني ولا مانع و لكن كان لا بد أن أعلم قبل أن أتخذ قراري الذي سيحاسني الله عليه و لا أملك رفاهية أن أتخذ قرار بدون معرفة مستفيضة به لأني أخشى الله و لابد أنكم كذلك فها هي دعوة للتساؤل ليس إلا و لا تقصر في حق نفسك و لا تكن ظالمها

الملاحظة الأولى : ملاحظة النشأة ... كما قلت نشأت الفكرة في حضن حضارة وثنية و بالتالي لابد أن لهذا تأثيير كبير على الفكرة ذاتها أو النظام المنبثق عنها و نحن في حضارة اسلامية مؤمنة بالله خالقا واحدا أحد لا متناهي القدرة واسع المعرفة فلا بد أن هذا و من المنطقي أن يحدث هذا بعض الصعوبات في اعتناق الفكرة و تنفيذ النظام خصوصا مع وجود منافس اسلامي لها ... بسبب اختلاف التربة الحاضنة للفكرة ذاتها و هذا من المنطقي جدا

إذن لا بد أن نسلم بأن هذا الإختلاف الثقافي و الحضاري الناشيء عن اختلاف الدين و العقيدة لا بد أن يكون له أثره في تقبل الفكرة و النظام سواء على مستوى النظرية أو التطبيق و عذرا على التكرار ... فقط أود أن أتأكد أنكم معي في الإستنتاج

الملاحظة الثانية : ملاحظة عامة في شأن الدول المتبنية الفكرة والنظام الديموقراطي الآن ... فهي كلها نظم علمانية أي بها فصل تام للدين عن الدولة حتى في الدول المسلمة الديموقراطية كتركيا و ماليزيا و أندونيسيا و سيلحق بهما عن قريب موريتانيا
هل هي مجرد صدفة أم أنه للديموقراطية علاقة بالعلمانية؟

إذن لابد أنه هناك علاقة ما بين الديموقراطية و العلمانية وهذا هو الإستنتاج الثاني

الملاحظة الثالثة : ملاحظة الدول التي أتى النظام الديموقراطي به بأحزاب اسلامية أو ذات "مرجعية اسلامية" على قمة السطة في هذه الدول عن طريق الإنتخاب -الذي هو أيضا مظهر من أبرز مظاهر الفكرة الديموقراطية بل و الدليل على تقبلها و تطبيقهاعلى أرض الواقع فلا ديموقراطية بدون انتخابات كما تعلمون- لعلي جاهل بالتاريخ و لكني أتذكر جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر حين فازت بالإنتخابات و انقلب عليها الجيش بمعاونة فرنسا و غيرها من القوى العظمى في ذلك الوقت تحت تآمر من معظم الدول العربية و الإسلامية التي اكتفت بالسكوت ... مثال أخر حزب العدالة و التنمية لا أقول الإسلامي بل ذو التوجه الإسلامي في تركيا و ما يتعرض له ترشيحه لرئاسة الجمهورية في تركيا من تهديدات بتدخل الجيش الحامي الأول لعلمانية البلاد كما ينص الدستور التركي و وسط معارضة سائر الأحزاب العلمانية الديموقراطية في البلاد ... و طبعا لا يخفى عليكم ما يحدث للإخوان المسلمين في مصر الذي نجح منهم 88 عضوا في مجلس الشعب و المضايقات التي يتعرضون لها و رفض معظم الأحزاب الأخرى ان لم يكون كلها و في مقدمتهم الحزب الحاكم لإعطائها حزب شرعي يعبر عن الجماعة و توجهاتها و مرجعيتها الإسلامي حتى أنه حرم في التعديلات الدستورية الأخيرة انشاء حزب على أساس إسلامي أو مرجعية اسلامية حتى ... و هناك من الأمثلة الكثير نكتفي بتلك فقط لتجنب الإطالة

إذن لابد أن هناك ما يمكن أن يطلق عليه مشكلة أو على الأقل تحفظ لتقبل النظام الديموقراطي لفكرة أخرى غير العلمانية كأساس لطرح أي مشروع يطرح على الناس لأخذ رأيهم فيه من خلال الإنتخاب المباشر و خاصة لو كانت هذه الأفكار إسلامية التوجه و الجذور و هذه ملاحظة يمكن تعميمها إن لم تسعفني الذاكرة

الملاحظة الرابعة : شأن من ينادون بأي مشروع فكرة أو نظام بديل للديموقراطية و إن تشابه مع الديموقراطية في كثير من الظواهر مثل الإنتخاب و حرية مشروطة للفكر و التعبير و دون ذلك مثل المشروع الإسلامي مثلا ... أو فكرة الشورى إسلامية الجذور ...حيث يٌتهم كل من ينادي بهذا بأنه رجعي أو أنه يدعو للدولة الدينية و أنه يبحث في الإسلام عما ليس فيه و أن النظام الإسلامي غير ديموقراطي و يلغي الأخر و كل هذه الإتهامات التي نسمعها لمجرد التفكير في نظام بديل لتسيير شئون البشر غير الديموقراطية و خاصة اذا كان مستقى من جذور إسلامية مع وجود رصيد لا بأس به من التطبيق لهذه الفكرة أو هذا المبدأ -الشورى- خلال أربعة عشر قرنا من الزمان لها ما لها و عليها ما عليها

هل أصبحت الديموقراطية دين يٌكفر كل من يدعو الى غيره؟

الملاحظة الرابعة: هناك إدعاء بأن الديموقراطية هي النظام الأصلح للبشرية طيب ... ألم تأتي الديموقراطية بشخص يتهمه شعبه قبل سائر دول العالم بالغباء مثل جورج بوش الإبن وهو رئيس أكبر قوة في العالم بل و جاء بفكرة الفوضى الخلاقة التي جعلته يعيث فسادا في الأرض ... لماذا لم تمنع الديموقراطية شخص مثل هذا من الجلوس على قمة هذا النظام الأصلح مثله مثل توني بلير؟
و لم تمنع أيضا الفساد في دولة مثل ايطاليا على يد بيرلسكوني أو اسرائيل في فضائح الإختلاس و التحرش الجنسي أو حتى بريطانيا في صفقة الأسلحة السعودية أو مايطلق عليه اصطلاحا بصفقة اليمامة و لم تمنع دولة مثل أمريكا دولة القانون من احتجاز أناس بدون محاكمة في جوانتانامو و لا من التنصت على مواطنيها و غير ذلك من المواقف و هي عديدة لمن يملك البحث و التنقيب

إذن الديموقراطية ليست النظام الأمثل أو أنه نظام خال من العيوب و الثغرات مما لا يلغي إمكانية وجود نظام أخر أكمل و أحسن

الملاحظة الخامسة : دعاوى الديموقراطية تبلورت بعد سلطة شديدة للكنيسة في أوربا على مقاليد الأمور هناك و كما تعرفون لا يوجد في المسيحية تشريع واضح لحياة الناس و نظام حياة فالمسيحية ديانة روحانية تهتم بالجانب الروحي في الإنسان ولهذا فحينما تولت السلطة بين الناس بدأنا نسمع عن أن البابا منزه عن الخطأ و أنه خليفة الله في الأرض وهو المهيمن و لا راد لقضاؤه و لا محاسبة و ما دون ذلك فبدأنا نسمع عن صكوك الغفران و الحروب الصليبية و محاكم التفتيش و كل ذلك فحين انقلبت الناس على سلطة الكنيسة توافقوا على تنحيتها عن الدولة و ظهر الشعار الشهير دع ما لقيصر لقيصر و ما لله لله و من هنا ظهرت العلمانية ثم بعدها تبنت معظم اوربا النظام الديموقراطي و أثناء ذلك ظهرت ثورة البخار والثورة الصناعية ... حتى وصلنا اليوم الى ما يمكن وصفه بالحضارة الغربية المبنية على فكرة الديموقراطية في الحضارة الإغريقية القديمة و لهذا يعتبر المفكرين أن الحضارة اليونانية الإغريقية هي الأب الشرعي للحضارة الغربية الآ وهو ما يدل عليه النتاج الفكري الثقافي و حتى الفني للغرب الآن ... و الدليل على هذا مؤخرا فيلم 300 و هو يشير الى إسبرطة بوصفها ملهمة النظام الغربي الأن و أنهم المدافعون عن الحرية و ما الى ذلك ... وهو ما عرفته عقب ذلك من فم صاحب القصة الأصلية بأن الحضارة اليونانية القديمة هي أصل القيم الغربية الآن

لابد أنه هناك علاقة بين هروب أوربا من سلطة الكنيسة ولجوؤها الى علمانية الدولة من جانب و تبنيها لفكرة الديموقراطية من جانب أخر التي هي فكرة قد نقول أنها وثنية و أوربا في ذلك الوقت صارت ما يمكن وصفه بحضارة مسيحية؟

الملاحظة السادسة : يقولون أن الديموقراطية حل لمشاكل كثيرة منها التميز العنصري و الإضطهاد الديني و التمييز ضد المرأة و ما الى ذلك ... و الواقع أن دولة مثل فرنسا ينص دستورها على علمانية الدولة تشهد أكبر عنصرية في أوربا ضد الجنسيات و الأعراق الغير فرنسية خاصة من جانب اليهود وخاصة ضد العرب والمسلمين ... كذلك ما شهدته أمريكا من عنصرية ضد السود و الآن ضد المسلمين و هي لم تمنع دولة مثل يوجوسلافيا من الإبادة الجماعية للمسلمين في حرب البوسنة و غير ذلك و طبعا فرنسا التي أصدرت قانون لتحريم الحجاب و هي التي تتغنى بحرية الإعتقاد و الممارسة

إذن الديموقراطية لم تنجح مثلا فيما نجح في الإسلام في إزالة الفروق العرقية و المذهبية بل و نجحت في إستيعاب الديانات الأخرى بل و ساهم اليهود و المسيحين في حضارة الأندلس تحت مظلة الدولة الإسلامية آنذاك في صورة من أروع صور التعاون الإنساني بل و أكبر دليل على ذلك أننا بقى في الدول التي فتحها الإسلام الى اليوم نسبة كبيرة ممن يدينون بدينهم الأصلي كالأقباط في مصر مثلا على عكس حرب الإبادة الجماعية التي شهدها الأندلس ضد المسلمين بعد سقوطها و يقولون أن الإسلام انتشر بحد السيف ... مسخرة و الله

أستطيع أن أكمل وأستفيض في الكثير من الملاحظات و لكني سأكتفي بهذه المجموعة من الظواهر الدالة على الإستنتاجات التالية:

1- الديموقراطية لا تستطيع أن تنشأ الا في ظل علمانية الدولة

2-الديموقراطية ليست حلا سحريا للمشاكل المجتمعية بل قد ينشأعنها مشاكل نحن الآن في دولة مثل مصر لا ديموقراطية و لا إسلامية نحن في غنى عنه (فوضى الإعلام والإباحية أخطرها)

3-هناك عداء شديد بين الديموقراطية و الإسلام لأن الديموقراطية كنظام لا يتفوق عليها الى الإسلام كشريعة و الشورى كمبدأ

4-الديموقراطية أصبحت دين يبشر به في البلاد الإسلامية و يٌكفر كل من يدعو الى مجرد المراجعة و لابد أن نتذكر أن اتهام الإسلام كدين بالإرهاب صدر من أكبر قوى ديموقراطية اليوم و هي أمريكا

5-الديموقراطية أصبحت كما أحب أن أسميها الشريعة الغائبة عن الديانة المسيحية الروحانية و أصبح القانون الوضعي هو أداتها لتسيير أمور الناس و لهذا فمن مصادر الزهو بالمسيحية كدين قدرتها على استيعاب الفكرة الديموقراطية و أصبح اتهام الإسلام بأنه دين أقل لعدم استيعابه للديموقراطية لأنه لديه نظام بديل أسمه الشريعة وهما مرتبطان لا يستطيع احدهما أن يتواجد و يزدهر الا في وجود الأخر وهو ما يفسر ربما الإضمحلال و الفساد الفكري و التدني الخلقي و الروحاني الذي نعاني منه اليوم في كافة الدول الإسلامية و على ذلك مازلنا خير أمم الأرض من الناحية الأخلاقية و الروحية عكس الغرب مثلا وحضارته المادية و هو ما يتناقص تباعا و سيتلاشى قبل أن نتداركه بتطبيق الشريعة ... وهنا يستحضرني مثل شهير ضربه الداعية الشهير أحمد ديدات و ذكرني به الشيخ وجدي غنيم من قانون حظر الخمر لآثارها الوخيمة على الصحة و المال الذي وضعته أمريكا في أوائل القرن المنصرم و فشلت في تطبيقه في حين نجحت الشريعة نجاحا باهرا في منع شرب الخمر في الدول الإسلامية اليوم بعد أربعة عشر قرنا
من وفاة النبي صلى الله عليه و سلم

6-الإسلام لايقبل الديموقراطية و هو ما أعلنه بصراحة ... الإسلام يقبل الشورى و لكنه لا يقبل الديموقراطية فمثلا... لا يمكن في دولة اسلامية أن كان أو يمكن أن يكون رئيسها غير مسلم ... هذا غير عقوبة الردة مما يحد م حرية الإعتقادو حدودأخرى في حرية التعبير و الفنون و ما الى ذلك ... فالحرية في الإسلام و الحقوق ليست مطلقة و قد يقول قائل أنها أيضا كذلك في الديموقراطية ولكن الفرق واضح و جلي ...
في الديموقراطية تنتهي حريتك حينما تبدأ حرية الأخرين ... وهو أيضا كذلك في الإسلام و لكن هناك أيضا حق الله الذي فرضه علينا و لابد أن يٌراعى.بل و له الأولوية عن حقوق البشر و هو ما تحرمه الديموقراطية نظرا لظروف النشأة بعد سلطة الكنيسة و تلغيه حيث حقوق البشر لها الأولوية المطلقة في النظام الديموقراطي

7-الإسلام كدين ... لا بد أن تكون له الغلبة دائما في الدول الإسلامية "دين القيمة . لنظهره على الدين كله . الدين الشامل و الجامع .الرسالة الخاتمة) و غير ذلك من الأوصاف التي يتمتع بها الإسلام كدين فهو يملك الحقيقة المطلقة كدين و المسلمون لابد أن يؤمنوا بذلك حتى يصح ايمانهم هذا مع احترام أصحاب الديانات الأخرى و مع كفال حرية العقيدة و لا إكراه في الدين و غير ذلك

8-مبدأ الشورى و المبايعة هما أبرز الظواهر الدالة على مدى صحة تطبيق الشريعة فإذا تم ضمان هذا الشرط لا يجوز أن يقلق أي شخص من استئثار شخص بالسلطة في النظام الإسلامي أو أن تقوم الدولة الدينية وهو ما لم يعرفه الإسلام على سائر عصوره فولي ألأمر يطاع طالما لم يعص الخالق أو يأمر بمعصيته و هو فرق أخر بين الشريعة و الديموقراطية

9-الحاكم أو الرئيس في الديموقراطية يٌحاسب إذا أخطأ و عرض مصلحة الشعب للخطر ... في الشريعة يٌقًوم وهو فرق شديد كما وضح أبو بكر الصديق حيث قال في خطبته المشهروة "إذا أخطأت فقوموني" لم يقل فحاسبوني و هذا يكفل للشعب حق و إمكانية التقويم ليس فقط أمر ما للخليفة و لكن أي سلوك ينم على إعوجاج أو مخالفة القرآن و السنة حتى و إن لم يؤدي الى خطر مباشر للشعب و مصالحه

10-الشريعة كما الديموقراطية على عكس المتداول تقوم في أصلها على المؤسسات و ليس حكم الفرد كم تٌتهم دوما الشريعة بل هي أشبه ما يكون بما نسميه اليوم الكونفيدرالية فهناك خليفة أو أمير المسلمين لعموم الدولة ثم والي إقليمي ثم والي محلي و لكن بيت مال ووزراء و قضاة ومؤسسات دينية و هكذا في تسلسل أو Heirarchy فيما يحل مشاكل المركزية و طبعا الفشل في التطبيق لا ينفي صحة النظرية ... وهو ما حدث طول العهد الإسلامي حيث انصلح حال الدولة بإنصلاح تطبيق الشريعة و تفعيل كافة آليتها و العكس صحيح وهو ما كان واضحا جليا في دولة العدل ... إبان فترة الخلفاء الراشدين ثم تنوعت ما بين الصعود و الهبوط بعد ذلك


11- المسلمين الى اليوم لا يستطيعون التفرق و التشرذم في ظل قيادات قطرية منعزلة في شكل دول فما يشغل العراقي يشغل المصري و المغربي و ما يشغل اللبناني أو الصومالي يشغل عموم المسلمين و لا تظل القضية الفلسطينية هي أكبر شاغل و القضية الأولى للمسلمين في العالم و لا ظل حلم الوحدة العربية الإسلامية حي في وجداننا حتى و إن لم يجد ما يبرره في الواقع لأنه بمثابة عودة السمكة للماء أو عودة الميت للحياة لن ينصلح حال المسلمين في دولة دون أخرى ... حين ينصلح حال المسلمين في مكان سيعم تأثيره في كافة المنطقة الإسلامية و هذا عبقرية مكان و دور مصر الحقيقي ... فهي المفصل ... قلب العالم العربي و الإسلامي الذي لابد أن تنبض فيه الحياة ليضخ الدم لسائر الجسد الإسلامي و ليس العربي فحسب حتى يعود الجسم العربي للتنفس من جديد و لا بديل عن مصر أو دورها و هذا ما يفسر الهجمة الشرسة في مصر بالذات ضد أي توجه إسلامي و منهم الإخوان حتى تحالف اليهود و الأمريكان مع النظام الحالي ضد كل صوت يعلو بتطبيق الشريعة فهزيمتهم تتعلق بذلك و لا سبيل الا استعادة العزة و الهوية و الحضارة ثم الإبداع الإسلامي إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية


أخيرا ... أعلم أني أطلت و أعلم أن قد لا يوجد من كان عنده الصبر ليكمل المقال حتى هذه السطور و لكني تكلمت بما أظنه حقا و الله شاهد علي في هذا و ليتحمل كل مسئولياته و ليتذكر الجميع أن هناك رب اسمه الله سيحاسبنا على ما أنعم به علينا و خصنا به و جعل فيه سر عزتنا و صلاح أحوالنا و تركناه في غفلة من الزمان و لكن الإسلام قادم و لا سبيل الى صده
و من الغباء أن يظن المرء دون ذلك ... فنحن في مرحلة المخاض أو الولادة المتعسرة و أتمنى ألا نضطر لجعل الحل القيصري هو الحل الوحيد


« return.