مشيت ليلا و كان صوت خطواتي مصدر إزعاج للشجر النائم الذي استفاق على أول قطرات مطر الربيع, و كأنّ كل شيئ عاد للحياة بعد سبات طويل. دخلت جنّتي, و اذ بها قطرات اللؤلؤ تتناثر على الحشائش المغموسة بالفضة.
و أكملت طريقي بدهشة, فأكاد لا أسمعها تبكي, تذرف الدمع بكل وقار على عباد الله. أكملت طريقي, و احتميت من تلك الدموع, إلا أن الشعور الوجداني التي منحتني إياه تلك القطرات أجبرني على الصعود إلى أعلى قلعتي, لأكون بجانبها, صاحبة الدموع الجليلة.
و سرعان ما باحت لي بأسرارها, و مخاوفها. و كنّا هناك, وحدنا, و دخلت حالة طمأنينة لم أشعر بها من قبل, و كأن الوقت توقف, لا ماضي و لا مستقبل, الحاضر فقط. و كأنها حالة مسحورة, عالم موازي لعالمنا هذا. ثم ظهرت فكرة على سطح بحر أفكاري, أنني مثلها, خائفة, وحيدة, و حزينة. و أردت أن تسمعني, لتقول لي أن الأمور ستتحسّن, أن كل شيئ سيكون على ما يرام, إلا أن شيئاً لم يتغيّر, فدعوتها مجددا لتعطيني الراحة, الحب, الرحمة, القوة لمنح الناس العفو و المغفرة, القوة لنسيان اللؤم و الكراهية, الطمع و الأنانية, لتعطيني أجنحة لأطير لمن أحب, و أشياء كثيرة, كثيرة, ليست بغالية, إلا أنها لا تقدر بثمن... مشاعرنا.
و إنني أنتظر هذا اليوم, الذي يعم السلام فيه على الأرض, على مشاعرنا, و على كل من يحتاجه, و على كل من سيسخّره لأخيه الإنسان, مهما كان عمره, أو دينه, أو لونه, فجميعنا أولاد آدم و كلنا بنات حوّاء.
|