|
عادل قانة
القاهرة في 13/11/2008
".... هو إنسان ذو بعد واحد، فاقد الهوية، صاحب نزعة استهلاكية، قليل الحساسية تجاه الغير، يعاني عزلة وضياعا، أسير المرحلة الراهنة والأمر الواقع والتوقيت المخيف والسرعة الفائقة والوقائع السريعة الكفيلة بأن تنسيه ما قبلها، وتتركه يتحفز لما بعدها أي تتركه يعيش في دوامة من النسيان والانبهار باللحظة الراهنة..." هذا ما قدمته مدرسة فرانكفورت الألمانية في توصيفها للشباب المعاصر وهي الصورة التي وإن كانت في بعض بلداننا العربية جلية وواضحة، فإنها في البعض الآخر تكون خفية بحكم احترام ما تبقى من أعراف وتقاليد المجتمع الذي ينشأ فيه الشاب.
إن الناظر للشباب العربي وتركيبته الحالية يتأكد له أن لهذه الممارسات معنى وحيدا هو أن الشباب لم يعد يقتنع بالعادات والتقاليد والأعراف والخطوط الحمراء التي رسمها مجتمعه عبر الأزمان، وهو بهذه الصورة التي نراه عليها يسير بخطى متسارعة نحو تحطيم تلك المبادئ التي يرى فيها عائقا أمام تحقيق رغباته التي آمن بضرورة تحقيقها ولو على حساب شخصيته وهويته، ومخطئ من يعتقد أن جيل الشباب المعاصر قد ضيع المشعل وفقد البوصلة التي يسير بها إلى طريق التنمية والنهضة العربية ويلقي باللوم كل اللوم على هذه الفئة التي هي في حقيقة الأمر ضحية عدة عوامل.
الأمر في حقيقته هو اجتماع أسباب سهلت الوصول إلى هذا الوضع؛ فانطلاقا من النظم التعليمية والتربوية التي تلقن للطفل مع بداية دراسته مرورا بالبيئة التي يترعرع فيها الشاب والتوظيف الخاطئ للأعراف والتقاليد التي تولد في كثير من الأحيان جيلا مزدوج الفكر مكبوتا في كثير من الحالات ينتظر أي فرصة لتفجير مكبوتاته، وصولا إلى العولمة وما انجر عنها من تأثير عبر مؤثراتها المتعددة وبالخصوص الإعلامية منها لما لها من تأثير مباشر وكبير في التغيير الاجتماعي والثقافي للمجتمعات. كل هذه الظروف وغيرها جعلت جيل شبابنا اليوم جيلا استهلاكيا غير عابئ بتحديات التنمية وبعيدا عن هموم أمته العربية وثوابتها.
وعلى طريق تغيير هذه الصورة المتناقضة للشباب العربي يستلزم تضافر جهود المعنيين ويقينهم بأن الحل يجب أن يكون من داخل مجتمعنا العربي ولن يأتي من الخارج، وضرورة تقاسم الأعباء والأدوار بين دور الحكومات في إعادة النظر للبرامج التعليمية والتكوينية والتربوية لكل الفئات العمرية بالتركيز على ترسيخ مفاهيم التنمية والحفاظ على الهوية العربية مقرونة بالتطور ومواكبة العصرنة مع الأخذ بعين الاعتبار توحيد كافة البرامج عبر الوطن العربي بما يشعر المتعلم بالانتماء لوطن واحد والوطن العربي يزخر بالعديد من الطاقات والكفاءات في هذه الميادين قادرين على أداء هذه المهام بالصورة المطلوبة، من منظور آخر فإن إتاحة الفرصة للشباب وتمكينهم من بناء الوطن وإدارة دفة الحكم كفيل بتنبيه هذا الجيل بعظم المسؤولية التي تقع على عاتقه تجاه مجتمعه ووطنه.
أما الدور الثاني فهو دور المجتمع المدني من مؤسسات ومنظمات وجمعيات وأصحاب التأثير في المجتمع من أفراد وعشائر وينصب هذا الدور على التوعية، الإرشاد والتوجيه لكافة أطياف المجتمع وبالخصوص منهم فئتي الشباب (الفئة المعنية) وفئة الأميين من أرباب الأسر بضرورة إعطاء هامش من الحرية للشباب وخصوصا منهم فئة الإناث في تسيير حياتهم وتطبيق ما يحملوه من أفكار بعيدا عن شبح التعسف والكبت الذي في كثير من الأحيان ولد جيلا منفصما في شخصيته.
|
Tags
You must be logged in to add tags.
Writer Profile
Adel
I am a fun and simple person, Initiating in charity work,
Rapid to receive learning and I've ability to connect quickly, Enthusiastic for joint action between the cultural development projects, I like all opportunities for people to meet with some and working for new idea of development...
|
Comments
لمن تكيل الاتهامات Zidan | Dec 5th, 2008
هل تقصد بذلك الشاب العربي الذي هو انت وانا ام نحن من كوكب اخر ام الشباب بشكل عام في العالم على ايه حال ان قالت مدرسة في فرنكفورت او لم تقل فلا تهم هذه المدرسة بتوصيفها العام المظلل
اما عن فقدنا الهوية لا ادري ما ذا اقول يا اخ عادل هل سنك دفعك لكتابة هذه السطور الذي تنم عن قصور كامل او انسان ينتزع هويتة متى يريد الذي وجدته بهذا الموضوع
في الشباب العربي كل الخير وكل الامل هم عماد الامة ومستقبلها وفي درسة من وجهة نظري ان الشباب في وضع احسن من سابقة
وان كان ما كتبت تعتقد به الاعتقاد الكامل فالحاجة للتغير هو انت لا الشباب العربي
ولا تصدق كل ما تقرأة
تحياتي
Adel Gana | Dec 6th, 2008
الموضوع كتب عن تجربة يا صديقي، ومدرسة فرانكفورت شئنا أم أبينا هي الرائدة عالميا في الدراسات الانسانية البشرية، وربما موقفك بنيته على البيئة التي تعيشها في اليمن أو قلة تجربتك والاحتكاك بالشباب في البلدان العربية لكن هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع الشباب العربي إذا أردنا التغيير نحو الأفضل يجب توحد الجهود وينتظرنا عمل كبير والطريق طويلة وليست مفروشة بالورود...
Why being negative? Samira Hassan Ahmed | Dec 6th, 2008
Walaa,ma ba3rif lakin you are showing us like a a bunch of confused disordered young people, and this is untrue. I beleive that there are some of us who went off the good path, but majority of us can be role models and what is happening currently in the world isn't exclusively to the young Arabian people but it is everywhere due to poverty, unemployment and etc.. But what we need is that some of us to be their community icon and try there best. Look in the good within u.
Thanks ,
Samira
I'm positive over the necessary, the negative is silence on our defects Adel Gana | Dec 6th, 2008
the situation which was described here for Arab youth is clear in most Arab countries but right in others are hidden by respect for customs and traditions (exactly in gulf countries), and when it prohibited in public I'm sure is exists in secret.
let's see for those topics in:
*The language of the Arab Youth is a mix of Arab, English and frensh
*The culture of the Arab Youth is "hiphop" in their eating and cloths.
*I do not want to speak about the bad habits that have spread in some of our societies:
prostitution, gay... etc
*Lack of attention to the challenges facing the Arab world: Palestine, Iraq, Sudan, Somalia and others. Arab youth now is not interested in these matters although it is at the heart of Arab identity...
you may say that's the globalization, but is globalization only negative?? why youth Arab not take the positive aspects of globalization??
we are all concerned with this situation
We must think seriously to find solutions to this situation, and let us from constructive criticism, come to think of the Arab nation development.
تعقيب Zidan | Dec 6th, 2008
من وجهة نظرك اخي عادل كيف نتعامل مع الامر كشباب نمثل الوطن العربي الممتد الذي هو مسئوليتنا جميعا اتمنى منك ان تطرح رؤيا فردية للشباب لتغيير النظرة
الى جانب اخر انت تحدث بأجمل الشباب وليس بنسب مئوية
اتمنى ان اقراء تعقيبك قريبا
تحياتي
زيدان
Adham Tobail | Dec 6th, 2008
اتمنى فعلا كيف لنا كشباب عربى نستطيع ان نخرج من هذا المأزق
اقصد ؤوية استرتيجية للشباب فى الوطن العربى
ادهم
Adel Gana | Dec 9th, 2008
لقد اشرت الى هذه النقطة في المقال، لكن يقينا لن نستطيع الخروج من هذه الوضعية الى بتوحد جهود مكونات المجتمع العربي كافة وتقاسم الأدوار والمهام من اجل اعادة الصورة الحقيقية للشباب العربي خصوصا والمجتمع العربي عموما، أظن أن العبء الأكبر يقع على مسؤولية الحكومات العربية في ما تقدمه للأجيال من مادة علمية تربوية ينشأ عليها الطفل العربي زيتربى عليها فيجب اعادة النظر بجدية في المناهج التعليمية والتربوية عغبر كافة المستويات بما يظمن مواكبة شبابنا العربي لعجلة التطور ويحفظ له هويته الحقيقية، الدور الآخر الذي لا يقل أهمية على الأول وهو دور الاعلام والصورة التي أصبح يقدمها لشبابنا في كثير من البرامج والفضائيات ساعدت بل مهدت الطريق لاختراق الهوية العربية وانحلالها، اما الدور الثالث وهو كذلك مهم بدرجة كبيرة وهو دور المجتمع المدني وما يجب أن يقدمه من توعية، وارشاد وتوجيه واستيعاب لجموع الشباب العربي واشراكهم في البرامج التي تربطهم بمجتمعهم العربي وتغرس فيهم قيم العروبة وحب خدمة الوطن وتنميته على طريق النهضة العربية المنشودة في اعين المخلصين.
هذا ولن يتم تحقيق المرجو الا بتغيير العقلية التي نحملها والاعتقادات السلبية وضرورة التفكير وتهيئة النفس على ان الوضع الحالي لشبابنا غير طبيعي وغير صحيح وان نوحد مساعينا جميعا خصوصا نحن كشباب من أجل التغيير الذي يجب أن يحدث في نفوسنا نحن الشباب على طريق احلاله في المجتمع والوطن العربي.
You must be a TakingITGlobal member to post a comment. Sign up for free or login.
|
|