لا تجد من يساند رؤيتك إذا غامرت بقول ما يجب ، عن شخصية ما، يمثل رمزية أو يحاول ان يكون كذلك ، لكنك ستجد من يلومك لأنك مسست بهذه الشخصية واقتربت من كينونتها المقدسة ، يستمد البعض حضوره من ثراءه الفاحش ، ومن ذاكراته التاريخية المصاغة بمزاج مستكبر ، وأنا متضخمة متخومة بذاتها ومليئة بعزة متوهمة ، وفي اليمن وحدها يستند الفاشلون وذوي العاهات الفكرية الوراثية وجودهم من أساطير صاغها أجدادهم حول ذاتهم وتفننوا في جعلها تبدو كما لو أنها حقيقية .
ما يحدث بالضبط هو ان ثمة استبدال وتمويه يمارس على نطاق واسع مسنود بأقلام تجيد التلميع والابهار وصناعة من لم يكن لهم يوما اثر يذكر . والحديث عن مثل هؤلاء يبرهن عن مدى ما وصل اليه بعض من يعتبرون نخب ثقافية منتمية الى الوطن ومحسوبة على الاقلام الحرة.
لست متأكد إذا كان ما يحدث يعبر عن وجود فراغ أو حالة من الاستقطاب الذي ولد هذا العطب النفسي لدى من يفترض أنهم أسوة حسنة للأجيال القادمة ، كي يكونوا مثار اهتمامها وترسم لخطاها ،فقد لايلام أحيانا من يغامر في دخول هذه الدائرة أ لأن العوز يفرض ذاته ، وواقعنا الوطني السيء أقوى من ان يقاومه رجل لايمتهن سوى صناعة الكلمة ، لكن حين تغدو الكلمة مصدرا لمكسب رخيص تفقد وهجها وحضورها وتقتات من قيمتها التي كانت سامية لتتحول الى قيمة سلعية تباع وتصاغ كي تؤدي دور المكياج أو مساحيق التجميل ، في وضع نحن بحاجة فيه الى ان نتبنى خطاب اعلامي عام يستهدف تلميع إرادة المجموع العام من خلال دفعه نحو مزيد من قوة الرفض للوضع المختل ، كان يفترض أن لانحصر أمل أن التغيير يصنعه شخص ، ذو ثراء وثروة او مكانة وجاه ، وما أن نرى وعيا عاما بدأ يستيقظ تعترينا لحظة العوز هذه فإذا بنا ننحو منحى اختزالي يقزم إرادة الناس ليحشرها في إرادة شخص، ما كان له ليكون مؤثرا لو لم يكن هناك وضعا سيئا رفضه الناس حتى يستغله ليظهر ذاته أو يظهره بعض حملة الاقلام كما لو انه المخلص العظيم والاسطورة القادمة من السماء لانقاذ الشعب . نحن مع وجود رمزية لاتسعى الى أسطرة ذاتها وفردنتها ، ولكن رمزية تعمل وفق ما تريده الجماهير اي انها رمزية تتماهى في المجموع ولا تمتاز عنه الا في كونها خادمة له ، وتؤدي دور ا تحريضيا له لمزيد من الرفض للوضع أو الامر الواقع .
ستتبادر الى الذهن العديد من الصور والشخصيات ، ويفسر مثل هذا الكلام على أنه ربما يقصد به فلان او فلان ، وبدلا من التركيز على اهمية ما قيل سيحتفظ لك البعض الذي لم يتربى إلا على تقديس الاشخاص والايمان بقدراتهم الخارقة على تحقيق ما يتصورنه بمسودة أسماء ليسألك من تقصد ومن هو هذا الكاتب أو الشخص وبدلا من تاكدينا على أن أختزال الفعل النضالي والتغييري في شخص ما هو عملية أقنمة وإعادة إنتاج لما ناضلنا لتغييره نتجه نحو نبذ الكاتب واتهامه وجعله في دائرة القطيعة المستمرة ، لأنه تجاوز الخطوط الحمراء ومس الذوات المقدسة وما اكثرها في هذا الوطن الذي لم يغيبه عن فعل الحرية والنهوض الا هذه الذوات التي ابتلانا الله بها كما ابتلى قريش بعبادتها ..!!
وكقلم ليس له انتماء الا للناس البسطاء ستجد أنك محاط بهواجس عديدة إن لم يكن الاغراء فالخوف ومنشأ ذلك انك في حالة تقاطع مع الكل فلا السلطة استطاعت تدجينك ولا المعارضة استطاعت ايهامك أنها الحقيقة الخالصة ، وبالتالي وحدك بلا متراس قبيلتك الوطن والوطن ضعيف وانتماءك ، للناس والناس ليسوا منظومة موحدة بقدر ما هم جموع مشتتة تلعب بها إرادة الاقوياء والاغبياء والاثرياء .